إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونشكره ولا نكفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبيًا عن أمته، ورسولًا عن دعوته ورسالته، اللهم صلِّ عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين وعن صحابته أجمعين، وعمن سار على نهجه وهديه واقتفى أثره وسنته إلى يوم الدين.
فهذا كتاب جامع لأحكام الصلاة، نسأل الله أن يكون سببًا لإقبال المسلمين على الصلاة والتمسك بها، فإن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، فقد أمر الله بإقامة الصلاة، وقال تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء: ١٠٣] ولقد حذر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من إضاعتها، فهي آخر عرى الإسلام انتقاضًا حيث قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تنقض عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحكم، وآخرهن الصلاة" أخرجه أحمد.
والناظر إلى حال المسلمين اليوم وما أصابهم من ضعف وهوان يعلم يقينًا سبب ذلك وهو بعدهم عن الله سبحانه وتعالى وضعف إيمانهم به سبحانه، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح به أولها، وذلك بالعودة إلى الله سبحانه وتعالى والتمسك بشرعه والالتجاء إليه فقد قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرعد: ١١] وفي الحديث: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قيل: أمن قلة نحن يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن غثاء كغثاء السيل ينزع الله المهابة من صدور أعدائكم ويلقي في قلوبكم الوهن، قيل: ما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت".
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم مردًا جميلًا.