فاتته ركعة فأكثر قضاها وسلَّم ثم سجد للسهو وسلَّم. وهذا السجود من أجل الذي زاده أثناء قيام الإمام إلى الرابعة.
تنبيه: تبين مما سبق أن سجود السهو تارة يكون قبل السلام، وتارة يكون بعده فيكون قبل السلام في موضعين:
الأول: إذا كان عن نقص، لحديث عبد الله بن بحينة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلّم سجد للسهو قبل السلام حين ترك التشهد الأول. وسبق ذكر الحديث بلفظه.
الثاني: إذا كان عن شك لم يترجَّح فيه أحد الأمرين، لحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- فيمن شكَّ في صلاته فلم يدر كم صلَّى؟ ثلاثًا أم أربعًا؟ حيث أمره النبي صلى الله عليه وسلّم أن يسجد سجدتين قبل أن يسلم، وسبق ذكر الحديث بلفظه.
ويكون سجود السهو بعد السلام في موضعين:
الأول: إذا كان عن زيادة لحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حين صلى النبي صلى الله عليه وسلّم الظهر خمسًا فذكروه بعد السلام فسجد سجدتين ثم سلم، ولم يبين أن سجوده بعد السلام من أجل أنه لم يعلم بالزيادة إلا بعده، فدل على عموم الحكم، وأن السجود عن الزيادة يكون بعد السلام سواء علم بالزيادة قبل السلام أم بعده، ومن ذلك: إذا سلم قبل إتمام صلاته ناسيًا ثم ذكر فأتمها، فإنه زاد سلامًا في أثناء صلاته فيسجد بعد السلام؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حين سلم النبي صلى الله عليه وسلّم في صلاة الظهر أو العصر من ركعتين فذكروه فأتم صلاته وسلم ثم سجد للسهو وسلم، وسبق ذكر الحديث بلفظه.
الثاني: إذا كان عن شك ترجَّح فيه أحد الأمرين لحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلّم أَمَرَ مَن شكَّ في صلاته أن يتحرَّى الصواب فيتم عليه، ثم يسلِّم ويسجد. وسبق ذكر الحديث بلفظه.
وإذا اجتمع عليه سهوان موضع أحدهما قبل السلام، وموضع الثاني بعده، فقد قال العلماء: يغلب ما قبل السلام فيسجد قبله.
مثال ذلك: شخص يصلِّي الظهر فقام إلى الثالثة ولم يجلس للتشهد الأول وجلس في الثالثة يظنها الثانية ثم ذكر أنها الثالثة، فإنه يقوم ويأتي بركعة ويسجد للسهو ثم يسلِّم.
فهذا الشخص ترك التشهد الأول وسجوده قبل السلام، وزاد جلوسًا في الركعة الثالثة وسجوده بعد السلام فغلب ما قبل السلام. والله أعلم.
[حكم تارك الصلاة]
وهذه مسألة اختلف فيها علماء أهل السنة وسنورد في هذا الباب قول الإمام المحدث الألباني، وكذا قول العلامة ابن العثيمين رحمهما الله تعالى فقد صنف كل منهما في ذلك رسالة مبينا حجته.
فقال الشيخ الألباني (١):
روى الإمام معمر بن راشد في "الجامع" (١١/ ٤٠٩ - ٤١١، الملحق بـ "مصنف عبد الرزاق) " عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
"إذا خلص المؤمنون من النار وأمنوا، فـ[والذي نفسي بيده] ما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق
(١) من رسالة حكم تارك الصلاة للشيخ.