للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعن أنس -رضي الله عنه- أنه قال: (من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى) (١).

قال في فتح الباري: (والصحيح أن قول الصحابي: "من السنة كذا" محمول على الرفع) (٢).

قال البخاري -رحمه الله- في صحيحه: (باب التيمن في دخول المسجد وغيره) وكان ابن عمر يبدأ برجله اليمنى، فإذا خرج بدأ برجله اليسرى، ثم ذكر حديث عائشة -رضي الله عنها- بلفظ: (كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله) (٣).

قال العيني: (مطابقته للترجمة من حيث عمومه؛ لأن عمومه يدل على البداءة باليمين في دخول المسجد) (٤).

وقال ابن علان في شرح الأذكار: (وخصت اليمنى بالدخول؛ لشرفه واليسرى بالخروج؛ لخسته، وهذا مما ينبغي الاعتناء بها كغيره من الآداب) (٥).

[الحكم الثالث الدعاء عند دخول المسجد]

لما كانت المساجد أحب البقاع إلى الله تعالى؛ لأنها بيوت الطاعة ومظنة لنزول الرحمة وأساسها على التقوى، فيها يعبد الله ويوحد، أرشد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى من دخل المسجد إلى أدعية جامعة مناسبة للحال، فقد ورد عن أبي حميد أو أبي أسيد قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك" (٦).

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنه كان إذا دخل المسجد قال: "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم"، قال عقبة لحيوة: أقط؟ قلت: نعم. قال: "فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم" (٧).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليسلم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وليقل: اللهم أجرني من الشيطان الرجيم" (٨).


(١) أخرجه الحاكم (١/ ٢١٨)، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
(٢) فتح الباري (٥٢٣).
(٣) أخرجه البخاري (٤٢٦)، ومسلم (٢٦٨). وانظر: فتح الباري (١/ ٥٢٣).
(٤) عمدة القاري (٣/ ٤٢٩).
(٥) الفتوحات الربانية لابن علان (٢/ ٤٢).
(٦) أخرجه مسلم (٧١٣). وأما زيادة (رب اغفر لي، وافتح لي .. )، فقد وردت عند الترمذي (٣١٤)، من طرق ليث بن أبي سليم عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى. وهذا سند منقطع، كما قال الترمذي، وليث بن أبي سليم ضعيف، وقد تفرد بهذه الزيادة، وقد تابعه على رواية أصل الحديث إسماعيل بن علية، وليس فيه هذه الزيادة، وقد ساقه الترمذي (٣١٥). وإسماعيل ثقة حافظ، والله أعلم.
(٧) أخرجه أبو داود (٤٦٦)، بإسناد جيد، كما قاله النووي في "الأذكار" ص (٣٣)، وقد عزاه الحافظ ابن كثير في تفسيره (٦/ ٧٠)، إلى صحيح البخاري، فلعله سهو، والله أعلم.
(٨) أخرجه ابن خزيمة (١/ ٢٣١)، وابن حبان (٣/ ٢٤٧)، والحاكم (١/ ٢٠٦)، وقال: على شرطهما. وأقره الذهبي، وأخرجه النسائي (٩٠)، وابن السني (٨٥)، كلاهما في عمل اليوم والليلة، وأخرجه ابن ماجه (١/ ٢٥٤)، من طريق =

<<  <   >  >>