للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباء]

هي لإلصاق الشيء الشيء وخلطه به، فإذا قلت: مررت بزيد، فقد أضفت المرور إلى زيد، وألصقته به. وجائز أن يكون معه استعانة كقوله: كتبت بالقلم.

وتزاد في خبر المنفي توكيدا وتثبيتا، كقولك: ليس زيد بقائم. وجاءت زيادة في قولك: حسبك بزيد. هذا قول الفراء ومن يقول بقوله.

وعندنا أنها دخلت على معنى قولك: اكتف بزيد، لأن معنى قولك: حسبك هذا أي: اكتفِ به، وأحسبني الشيء: كفاني. وسنتكلم في ذلك.

قالوا: وهو في القرآن على الوجهين:

الإلصاق، والزيادة في قول الفراء.

وعلى تقدير الإلصاق كقوله تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) كأنك ألصقت الاستعانة به، وقوله: (وَبالآخِرَةِ هُم يُوقِنونَ). كأن [إيقانهم] التصق بالآخرة. ومثله كثير.

وأما الزيادة على قول من يقول بذلك، فقوله: (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) وقوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ) قال: المعنى: ومن يرد فيه إلحادا، وقوله: (تَنبُتُ بِالدهْنِ) معناه: تنبت الدهن.

والصحيح أن ذلك لمعان، وليس بزيادة. فأمَّا قوله: (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) فمعناه: اكتف بالله شهيدا، وكذلك: حسبك بزيد، أي: اكتف بزيد؛ لأن حسبك بمعنى يكفيك فالباء تدخل في هذا على التقدير. وقوله: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ) فإنما تحمل هذا على مصدره، والمراد: من كانت إرادته واقعة بالإلحاد، فدخلت الباء للمصدر. وكذلك: (تَنبُتُ بِالدهْنِ) معناه: تنبت نبتها بالدهن، وقوله: (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ) أي: وقع الأمر لأن أكون.

<<  <   >  >>