إذا قلت: أزيد في الدار أم عمرو؟ فأنت لا تدري أيهما في الدار، ولا تدري أن أحدهما فيها أو لا، ويصلح في جوابه لا ونعم؛ لأنك تسأل عن الكينونة هل حصلت في الدار أم لا فإذا علمت أن أحدهما في الدار ولست تدري أيهما هو قلت: أزيد في الدار أم عمرو، ولا يصلح في جوابه لا ولا نعم؛ لأنك تسأل عن أحد الكائنين ففيه معنى أيهما.
قيل: و (أم) في القرآن على وجهين:
الأول: يكون بمعنى أو، قال اللَّه تعالى:(أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى) وقوله تعالى: (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا).
قال بعض أهل العربية: هي في هذين الموضعين بمعنى أو، والمراد التحذير، أي: لا تأمنوا ذلك واحذروا ما دمتم على الشرك.
الثاني: مجيئه بمعنى ألف الاستفهام، قال اللَّه تعالى:(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) والاستفهام هاهنا بمعنى النهي، وقال اللَّه تعالى:(أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) أراد له البنات، وهذا الاستفهام بمعنى الزجر والتبكيت، قال: وليس من هذا: (أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ) فإن قيل: لم سوى بين السخري وبين زاغت الأبصار عنهم؟، قلنا: لأن المعنى أظلماهم بما قلنا فيهم وبما سخرنا منهم أم هم مستحقون له وقد زاغت أبصارنا عنهم وهم في النار، فهذا حق التسوية.
والصحيح في هذه الآيات أنه لما جاء بلفظ الاستفهام في أول الكلام جاء بأم بعده لأنه للاستفهام، والمراد بالاستفهام فيها التبكيت أو التعريف والتوقيف على ما ذكرناه، وقال: