القدر هو وجود الأفعال على مقدار الحاجة إليها والكفاية لما فعلت من أجله؛ كان القدر هو الوجه الذي أردت إيقاع المراد عليه، والمقدر للفعل هو الموجب له على ذلك الوجه.
وأصل القدر في العربية التوسط بين العلو والتقصير، ومن ثم قيل: للقدرة قدرة؛ لأن الفعل يقع على قدره، وقيل: هذا على قدر ذلك، وقدره أي: غير فاصل عنه ولا مقصر دونه، ومنه قيل: القدر لأنك تطبخ فيها الطبيخ بقدر ما تحتاج إليه، أو بقدر ما تسعه.
وسُمِّي قدر الله قدرا لأنه يقع على قدر المصالح، لا فضل ولا نقصان، ومنه قوله تعالى:(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) أي: هو على قدر الصلاح.
وقال بعضهم: أصل القدر هو وجود الفعل على مقدار ما أراده الفاعل وحقيقته في أفعال الله وجودها على قدر المصالح، وأما قوله:(وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) فإن اللفظ عام، والمعنى خاص؛ لأن المعاصي لم تدخل فيه، والشاهد قوله:(صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) والباطل ليس بمتقن.
والدليل على أن كل شيء لغير معنى الإحاطة، قوله:(وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) ونحن نعلم أنها لم تؤت لحية، وقوله:(وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) وهو القدر، والقدر، ثم استعمل في التقصير فقيل: قدر فلان على نفسه مثل قتر ونحوه،: (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) أي: ظن أن لن نضيق عليه؛ كقوله:(يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) ومنه: (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ) أي: ضيق عليه.
ومن ذلك قولهم: رجل أقدر، إذا كان قصير العنق؛ وجاء أيضا في الزيادة، فقيل: فرس أقدر للذي تتقدم موقع رجله موقع يده، والخبر السابق بما يكون قدرة أيضا إذا كان