قد مضى القول في أصل هذا الحرف، وهو في القرآن على ستة أوجه:
الأول: اسم اللَّه تعالى، قال:(السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ) ومعناه أن عباده يسلمون من ظلمه، وقال:(سُبُلَ السَّلَامِ) أي: سبل الله، وهو دينه، وقال:(يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ) يعني: الجنة، ونسبها إلى نفسه تعظيما لها، كما يقال: بيت الله وخليفة اللَّه، ويجوز أن يكون أراد بالسلام الأمن من الخوف، لأن موضوع السلام لذلك.
الثاني: الخير، قال:(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ) أي: قل خير كذا قيل، ولو كان كذلك [لنصب]، فقال: سلاما؛ لأن ما كان من القول يجيء بعده [فهو] منصوب، قلت: خيرا؛ وقلت: شرا.
والمراد أن قل أنا سلم ولست بحرب، وإنما أقول ما أقوله على وجه النصيحة، فإن قتلتموه وإلا فقد بلغت، وحسابكم على الله، وهذا قبل أن يؤمر بالحرب، وقال:(وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) أي: ردوا خيرا، وقيل:(سَلَامًا)، أي: تسلما منكم، قال سيبويه: يقال: لا تكونن من فلان إلا سلاما بسلام، يعني: به المباركة.
وقوله:(إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ) أي قال خيرا كذا قيل، والوجه أن يكون من السليم فنجد الأول، لأن القول هو السلم، وكل ما يجيء بعد القول فهو رفع إلا أن يكون من القول، فيقول: قلت: زيد في الدار، وقلت: ......