قالوا: تجيء في القرآن على ثلاثة أوجه، وتأتي في غير القرآن للشك تقول: رأيت عبد الله أو محمدا، أو تكون للتخيير بين الشيئين كقوله:(إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ) وقوله: (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).
قالوا: وتجيء بمعنى واو النسق، قال الله:(فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (٥) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (٦). وقوله:(وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) وليس كذلك.
قال المبرد: أصل (أو) في الكلام واحد ثم تنقسم قسمين التخيير والإباحة، والتخيير قولك: خذ مني دينارا أو ثوبا فإنه وفاء بحقك وليس لك أن تأخذهما، وقولك: اضرب زيدا أو عمرا أي: كل واحد منهما أهل أن يضرب وأنت مخير في واحد لا تزيد عليه، وكذلك إذا شك المخير فقال: جاءني زيد وعمرو ولم يرد أنهما جاءه إلا أنه يعلم أن أحدهما جاء فهذا باب واحد.
والإباحة قولك: جالس زيدا أو عمرا أو خالدا وارو عن الحسن أو ابن سيرين، أي: جالس هذا الضرب وارو عن هذا الضرب من الناس، وإذا جالس واحدا منهم أو جالسهم جميعا فقد أطاعني؛ لأني أردت هذا الضرب، وعلى هذا قوله تعالى:(وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) ولو قال: وكفورا فأطاع أحدهما ولم يطع الآخر لم يكن عاصيا، وإذا قال: أو كفورا صار كل واحد منهما لا يطاع على حياله، وأما قوله:(عُذْرًا أَوْ نُذْرًا) فمعناه أن الملْقِيَاتِ ذِكرا تجمع بين الإعذار والإنذار فتعذر في وقت وتنذر في وقت كما نقول: جاءني زيد وعمرو فتعلم بذلك أن كل واحد يجوز أن يجيء إلا أن قصدي في هذه الحال واحد منهما (عُرْفًا) أي: تباعا بعرف الفرس، و:(الْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا) الملائكة، وقيل:(عُذْرًا أَوْ نُذْرًا) جمع عذير ونذير، قال حاتم: