للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الآخرة]

سُمِّيت الآخرة آخرة؛ لأن الدنيا تؤدي إليها، وآخر الشيء خلاف أوْله فأوله ما بدئ منه وآخره ما ينقطع عند تمامه.

وقد يجوز مع ذلك أن يجعل أول الشيء آخره، وَآخر الشيء أوله إذ قدر غير التقدير الأول، وقد استقصينا ذلك في كتاب الفرق.

وآخر الشيء منه كما أن أوله منه، وليست الآخرة من الدنيا على أنه لولا الدنيا لم يقل آخره، وأنثت الآخرة على تأنيث الدار.

وهي في القرآن على خمسة أوجه:

الأول: القيامة، قال الله تعالى: (وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) يعني: القيامة.

الثاني: الجنة يعينها، قال اللَّه تعالى: (وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) أي: ما لهم في الجنة من نصيب، والخلاق النصب وسُمِّي خلاقا؛ لأنه قدر لصاحبه، وأصل الخلق التقدير وسنذكره، وقال تعالى: (وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) وقال: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا) ونظير الأول قوله تعالى: (وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ).

الثالث: جهنم خاصة، قال: (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ) أي: يحذر جهنم.

الرابع: قوله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) وجاء في التفسير أنه أراد القبر حين يأتيه منكر ونكير، ويجوز أن يكون معناه القيامة يثبته الله فيها على الصراط.

<<  <   >  >>