للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الجدال]

أصله من الجدل، وهو الفتل، يقال: جدلت الحبل جدلا إذا فتلته، وهو مجدول، وأصل الكلمة من القوة، ثم سميت الأرض جداله لقوتها، وسُمِّي الجدال جدالا لأنك تقوم به حق القيام، لتقوي مذهبك، كما أن الحبل مجدل القول، والأجدل الصقر، وسمي بذلك لقوته، ويجوز أن يقال: الجدال هو أن تفتل الخصم عن مذهبه بحجة أو [شُبْهة] أو شغب، ويفتلك عن مذهبك بمثل ذلك.

والجدال في القرآن على أربعة أوجه:

الأول: الخصومة، قال: (وَهُم يجادِلُونَ فِي الله)، أي: يخاصمون، وقال: (وَجَادَلُوا بِالبَاطِلِ).

الثاني: السؤال، قال الله: (يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ) أيْ: سأل رسلنا ويستثبت أمر ما يعذب به قوم لوط، وقال أبو علي: جادلهم بما استحقوا عذاب الاستئصال، وهل ذلك واقع بهم لا محالة، أم هم إخافة ليقبلوا إلى الطاعة، وهذا يقوي ما تقدم من أنه سؤال.

الثالث: المناظرة على إثبات الحق وإبطال الباطل، قال تعالى: (يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا)، وفي هذا دليل على أن الجدال لإقامة الحجة حسن، وأنه يقوم به الحجة ولولا ذلك لم يجادل نوح عليه السلام.

وقد يكون المناظران محقين بأن يكون كل واحد منهما يناظر ليعرف الحق، ولا يكونان متجادلين إلا وأحدهما مبطل أو كلاهما؛ لأن الجدال هو فتل الخصم عن مذهبه، وفتل الحق عن الحق باطل، قال اللَّه تعالى (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا)، ......

<<  <   >  >>