أصله الثبات، ومن ثم قيل: ضرب على فلان البعث أي: ألزمه وأثبت عليه حكمه ومنه قوله تعالى: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ).
ويخبر عن الإلزام بالضرب؛ لأن للضرب تأثيرا ليس إلا إلزاما؛ فلما أراد أنهم ألزموا ذلة تبقى أثرها كبقاء أثر الضرب، عدل عن ذكر الإلزام إلى ذكر الضرب، وقيل: المعنى أن الذلة أحاطت بهم من قولك: ضربت الخيمة على القوم، ونحوه قوله:
ضَرَبَتْ عَلَيْكَ العَنكَبُوتُ بِنَسْجِهَا ... وَقَضَى عَلَيْكَ بها الكتابُ المُنْزَلُ
ومنه المضرب لأنه تضرب أوتاده في الأرض فتثبت، ويقال للجليد: الضريب؛ لأنه يثبت أكثر مما يثبت الثلج ولا يثبت ولا يجري.
واستضرب العسل إذا غلظ تشبيها بالجليد، وضريبة الإنسان: خليقته لأنها ثابتة له لا يكاد يزول عنها، والضرب في الأرض المسير فيها؛ وهذا خلاف الثبات، والمضارب مشتق من الضرب في الأرض.
والضرب العسل الأبيض الغليظ، والضريب ضرب من اللبن، والضرب من الشيء: الصنف منه.
والضرب في القرآن على ثلاثة أوجه:
الأول: الضرب في الأرض؛ قال اللَّه:(إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وقال معاوية لبعض رؤساء اليمن: ما قول قومك في: (بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) ......