أجمع أهل العربية أن الحروف حقها البناء على السكون؛ فإذا وقع الحرف أولا امتنع النطق به ساكنا؛ فاضطر الناطق إلى حركتها فحركت كلها بالفتح، لأنه أخف الحركات إلا حرفين الباء واللام، فقيل: مررت بزيد؛ وهذا لزيد فأمَّا الباء فعلة كسرها إنها لا تنتقل عن باب الجر إلى غيره، فألزم الكسر؛ لأن عملها الكسر؛ ولأنها لا تتغير عن حالها كما تتغير اللام والكاف، وذلك أن اللام قد تكون توكيدا والكاف تكون اسما وحرفه وكونها اسما، قال الشاعر:
وصَالياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ
فالكاف الثانية اسم لدخول الكاف الأولى عليه؛ لأن الحرف لا يدخل على الحرف فألزم الباء الكسر لما فارقت أخواتها؛ وأما لام الجر فإنها كسرت إزالة للالتباس، وذلك إنك لو قلت: إن هذا لزيد ففتحت اللام لم يعرف ليزيد التوكيد والتمليك؛ ألا تراهم لما ارتفع الالتباس في المضمر فتحوها، فقالوا: هذا لك وله.
واللام المكسورة في القرآن على ثلاثة أوجه:
الأول: بمعنى كي، قال الله:(لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ) أي: كي تنذرهم.
قالوا الثالث: في موضع لأن لا، قال:(لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ): أي: لأن لا تكفروا، وهو مثل قوله:(يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) قيل: لأن لا تضلوا، وليس لا عد المحققين النحويين مما يحذف في هذا الموضع، وإنما المعنى في ذلك كراهة أن تضلوا، ومعنى قوله:(إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ)، أنهم أشركوا معنا غيرنا فعبدوه دوننا ليكفروا