قد تقدم من قولنا فيه ما يكفي، وهو في القرآن على خمسة أوجه:
الأول: الميل مع الكفار؛ قال الله:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) وذلك أن المنافقين كانوا يمالون الكفار فيجترئون على المسلمين ويطمعون في النيل منهم والغلبة عليهم، ويسرعون إلى محاربتهم؛ وفي ذلك الفساد في الأرض؛ لأن الحرب مفسدة للمال ومهلكة للنفس.
الثاني: الهلاك؛ قال الله:(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ) والدليل على أنه أراد الهلاك قوله: (وَمَنْ فِيهِنَّ) قال بعض المفسرين: الحق هو الله تعالى؛ أي: لو اتبع الله أهوائهم.
وقيل: هو القرآن؛ أي: لولا أنزل القرآن بما يريدون، وليس يصح تفسيرا [لأنه على هذه الآية على هذين الوجهين](١).
والصواب ما قال أبو علي - رضي الله عنه -: وهو أنه لو صح ما يدين به الكفار من جعلهم الأصنام آلهة مع اللَّه لتفاوتت أفعالهم، ولتمانعوا ففسدت السماوات والأرض ومن فيهن من الملائكة والإنس والجن، وهذا مثل قوله:(إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ) ومعنى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ)
(١) عبارة غير مفهومة. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).