أنه لو وافق الحق أهوائهم ولعبادة هذه الأصنام؛ فجعل موافقة الحق أهوائهم اتباعا من الحق لهواهم على سبيل المجاز، وقال:(لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) أي: [لهلكتا ولم تقوما]، ومن هذه الآية أخذ المتكلمون دليل التمانع، ومن قوله:(وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ).
الثالث: القحط، قال اللَّه:(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) أي: قد كسبوا الذنوب فعجل لهم العقوبة بالقحط، ودليل ذلك قوله؛ (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي: لكي يتذكروا فيتوبوا، (ولعلا هاهنا) بمعنى لام كي، وفي هذا دليل على أن بعض ما يحمل اللَّه العبد من المكاره تنبيه وبعضه عقوبة.
الرابع: ضد الصلاح؛ قال:(وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) وقال تعالى: (إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا) وقال: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا).
الخامس: قوله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) يعني: السحرة، وقال بعضهم: الفساد في قوله: (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ). القتل، وكذلك في قوله:(أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) ولا أعرف صحة ذلك، وعندنا أن الفساد في هذا الموضع ضد الصلاح والقتل داخل في ذلك.