للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[لولا]

لولا كلمتان يعدهما النحويون من حروف الرفع على المسامحة، وإنما يرتفع ما بعدهما على الابتداء وضم لا إلى لو للمعنى الحادث بينهما، وهو الدلالة على الشيء لا يقع من أجل غيره، كقولك: لولا زيد لخرجنا، فزيد مبتدأ لم يعمل فيه (لو) ولا (لا)، وأما قولهم لولاك فغير جائز عند المحققين.

والصواب لولا أنت لكان كذا على الابتداء والخبر، فإذا قلت: لولا زيد تأخذه، فزيد منتصب بفعل مضمر، والظاهر تفسبر، ويسمى هذا تحضيضا، والتحضيض توكيد الأمر والمعنى، لولا تأخذ زيدا تأخذه، وقال القتبي: لولا تكون في بعض الأحوال بمعنى هلا، وذلك إذا رأيتها بغير جواب تقول: لولا فعلت كذا تريد هلا، قال الشاعر:

تَعُدُّون عقر النيبِ أفضلَ مَجْدِكُمْ ... بني ضَوْطَرى لولا الكَمِيَّ المقنَّعا

يريد ولا تعدرن الكَمِيَّ المقنَّع، فإذا رأيت لولا جوابا كقوله: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) فهي التي تكون لأمر لا يقع لوقوع غيره.

وجاء في القرآن على ثلاثة أوجه:

الأول: على قول بعض المفسرين بمعنى لم، وهو قوله: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) معناه أنهم لم يؤمنوا يعني: أهل القرية، ثم استشنى قوم يونس بالنصب على الانقطاع مما قبله؛ ألا ترى أن ما بعد إلا في الجحد يتبع ما قبلها، فيقول: ما قام أحد إلا زيد، وإذا قلت: ما فيها أحد إلا كلبا وحمارا نصبت؛ لأنهما منقطعان عما قبل، إلا وكذلك قوم يونس منقطعون من قوم غيره من الأنبياء ممن لم ينفعه إيمانه، ولو كان الاستثناء هاهنا قد وقع على طائفة منهم لكان رفعا، وقيل: (إِلا قومَ

<<  <   >  >>