أصل الكذب الترك، ومنه قيل: كذب في الحرب إذا ترك الحملة، وكذب الرجل في قوله، إذا ترك العمل بما قاله.
وكذَّبت الرجل بالتخفيف، أخبرته بكذب، وكذَّبته بالتشديد أخبرت بأنه كاذب، والمشكل في هذا الباب قوله تعالى:(انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ).
ولا يجوز أن يكون في الآخرة كذب؛ لأن أهلها ملجأون إلى ترك القبيح، ولو لم يكونوا كذلك لكان القبيح قد أبيح لهم.
وإنما المراد أنهم، يقولون في الآخرة:(وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) أي: عند أنفسنا في الدنيا.
وقال:(انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ) في الدنيا، بقولهم: إنهم مصيبون فيما يشركون، وليس هذا خبرا عن الآخرة، وقيل: كذبهم على أنفسهم هو جحدهم على جهة النسيان، وإنكارهم لما كانوا عليه في الدنيا.