يقال: ولي الشيء يليه، إذا قرب منه، وداري يلي دارك، وولاية الأعمال، من ذلك، وكذلك: الولي، وهو: المطر الذي يلي الوسمي، والوسمي أولى سطر يجيء، والولي: الذي يليه، ومنه: الولي، خلاف العدد، لأنه يقرب منك، قم قيل: ولى عنه، وتولى عنه، إذا أعرض وبعد.
والتولي في القرآن على ستة أوجه:
الأول: الانصراف، قال:(ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ) دل على أنه كان في الشمس فانصرف إلى الظل، ومثله:(ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) أي: انصرف، ومثله:(تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ).
والثاني: بمعنى الامتناع، قال:(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) معناه: فإن امتنعوا من الإيمان بك والرضا بحكمك، وقوله:(أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) أي: لما اتنعوا من ذلك أراد الله عقوبتهم، فعجل بعضها لهم في الدنيا، والإصابة بالذنب: الإصابة بعقوبة الذنب، كما قال:(وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) أي: حاق بهم جزاؤه، وقوله:(حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا) أي: فإن امتنعوا من الإيمان والهجرة، وكان هؤلا قوم من المنافقين زعموا أنهم احتووا المدينة واستأذنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخروج منها إلى البدو، فأذن لهم، فخرجوا ولحقوا بالمشركين، فأمر الله أن يؤخذوا ويقتلوا حيث وجدوا، لأنهم كفار، إلا أن يرجعوا إلى المدينة.
والثالث: الإعراض، قال اللَّه:(وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) وقال: (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) وقال: (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ) كل هذا بمعنى الإعراض على ما قالوا وهو الأصل، ويكون الإتيان الأوليان من هذا الوجه بمعنى الامتناع.