جاء في التفسير أنه أراد بهاتين الآيتين الجزاء، وكذلك قالوا في قوله تعالى:(فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) أي: جزاؤه.
والأجود أن يفسر على الوجه المعروف، فيقال: أراد أن عليك أن تبلغهم، وعلينا أن نحاسبهم، وفي هذا تهديد شديد، وهو أيضا يرجع إلى معنى الجزاء، لأنه إذا حاسبهم جازاهم.
الثاني: الحساب المعروف، قال:(وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) وأراد بالحساب هاهنا عدد الأيام والأعوام، ومدد الأعمار والآجال والديون، وغير ذلك مما يجري مجراه.
ولم يعن حساب الأموال وما بسيلها، وقال:(سَرِيعُ الحِسَابِ) ومعنى ذلك أنه إذا أراد حسابهم لم يتعذر عليه، وفي هذا دليل على أنه ليس بجسم؛ لأن الجسم يتعذر عليه حساب الجماعات الكثيرة في حال واحدة.
وقيل الحساب أن تأخذ ما لك، وتعطي ما عليك، والله تعالى قد أحصى الأعمال؛ فهو يجازي عليها من غير تعذر ولا إطالة.
الثالث: بمعنى الكافي، قال الله:(عَطَاءً حِسَابًا) أي: كافيا على ما ذكرنا.
ووجه رابع: وهو قوله: (يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) قال المبرد: المراد أنه يتجاوز بهم جد ما فعلوا، وعندنا أن هذا موضوعه للكثرة، يقال: أعطاه بغير حساب، أي: أعطاه كثيرا، وذلك أن الحساب للإحاطة والحصر؛ وكأنه قد أعطاه عطاء لا يحصر كثرة، ومثله قوله:(إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ويجوز أن يكون تفضل عليه، بغير استحقاق، والتفضل غير محسوب