كل من حضره المعنى بالقول أو العقد أو الخطور بالبال، فهو ذاكر ويكون أصله التنبيه على الشيء، وكل من ذكر لنا شيئا فقد نبهنا عليه، والذكر أنبه من الأنثى.
الثاني: قال هو الذكر باللسان في قوله: (فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) وقوله: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) وقال: (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) كذا قيل، ولا ننكر أن يكون أراد الذكر بالقلب واللسان جميعا.
الثالث: الذكر في القلب خاصة، قال:(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ)، أي: ذكروا قدرة الله عليهم وأياديه إليهم فاستغفروه وتابوا إليه.
الرابع: ذكر الصفة والأمر، قال:(اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) أي: اذكر أمري وصفتي،: قال: (وَاذكر فِي الكتَابِ مَريَمَ) أي: أذكر أمرها، فإن فيه عجبا، وهكذا قوله:(وَاذكُر فِي الكِتَابِ إِبرَاهِيمَ) أي: اذكر في الكتاب الذي أنزل عليك قصة إبراهيم عليه السلام، أي: اقرأها واعتبر بها.
السادس: الوعظ، قال:(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ) أي: وعظوا، وفي الأعراف أيضا:(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ) وقال: (أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ) أي: وعظتم، وقال:(فَذَكر بِالقُرءَانِ)، وقال:(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ) وفي هذه الآيات دليل على أن الطاعة والمعصية من العبد (١)؛ لأنهما لو كانتا من الله لم يكن لتذكير الله إياه فائدة.
(١) دسيسة اعتزالية. حاصلها أن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية. فتأمل. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية)