للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيكَ مِثل الذي صَلَّيتَ فَاعتَصمِي

رفع مثل على الدعاء دعا لها مثل الذي دعوت له، ونصبه على الأمر؛ أي: تزداد من الدعاء، أي: عليك بمثل ما قلت، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ).

الثاني: الرحمة؛ قال: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ).

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اللهُم صلِّ عَلى آلِ أبِي أوفَى " أي: ارحمهم، وهذا والأول واحد؛ لأن الترحم دعاء، ولا شك أن الله يرحم نبيه.

والفائدة في الترحم عليه ما يستحق المترحم من الثواب، فإذا جدد الله تعالى لنبيه تكريما عند دعاء الداعي؛ قيل: إن اللَّه أجاب دعائه وفي الإجابة تكريم المجاب.

والدعاء ليس بواجب في العقول؛ وإنَّمَا أوجبه القرآن لأن العاقل يعلم أن الله لا يختار له إلا الأصلح في دينه ودنياه (١). فيجوز أن ينصرف عن الدعاء تفويضا لأمره إلى الله، والله لا يمنع العبد ما فيه صلاحه؛ ولكنه أمره بالدعاء تعريضا للإجابة لما فيها من إكرام المجاب.

ويجوز أن يكون أمره بالدعاء؛ لأن الذي يطلبه لا يكون مصلحة له إلا بالدعاء.

الثالث: الصلاة المعروفة؛ قال: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) وقيل: دلوكها: غروبها، وقِيل: زوالها.

الرابع: قوله: (أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا) قال المفسرون: أراد قراءتك والمشهور الصلاة المعروفة.

وقالوا له ذلك لما أنكروا ما يدعوهم إليه من مخالفة دينهم، كما تقول للرجل الصالح: تنكر منه أمرا أورعك أو صلاحك أمرك بهذا؟ وأنت تريد نهيه عن ذلك وإنكاره عليه.


(١) دسيسة اعتزالية. حاصلها الادعاء بأن الله تعالى يجب عليه مراعاة الصلاح والأصلح للعبد، وهو زور وبهتان. فتنبه. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية)

<<  <   >  >>