الثاني: المن والسلوى قال: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) وهو راجع إلى الأرل؛ لأن ذلك كان حلالا، ويجوز أن يكون المراد أنه طيب المطعم، ومثله:(وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) وقوله: (وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ).
الثالث: الطعام اللذيذ، واللباس الحسن، والجماع؛ قال الله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ) وكان قوم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد هموا بترك ملاذ الدنيا؛ فأنزل الله هذه الآية، ونحوه قوله:(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) ومثله: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) أي: لم يحرم اللَّه ذلك فاللفظ لفظ الاستفهام، والمعنى الإنكار، وهو يرجع إلى معنى الأمر باستعمال هذه الأشياء من وجوهه وحله.
الرابع: الشحوم ولحوم الإبل، قال اللَّه:(حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) فالمراد أنه عجل عليهم طائفة من العذاب؛ [حرم عليهم من الطيبات](١) كل ما كانت حلالا لهم، وهي ما ذكر في قوله تعالى:(وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا) كذا وكذا وذلك ما كان من ظلمهم.
الخامس: الذبائح، قال:(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) يعني: الذبائح، والشاهد قوله:(وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ) فقرر ذلك بما هو من جنسه.
السادس: الغنيمة، قال:(وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ) إلى أن قال: (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) جاء في التفسير أنه أراد الغنيمة يوم بدر؛ لأنه في [قصة بدر (فَآوَاكُمْ)]؛ يعني: أنه أسكنكم المدينة، وقال في آخر السورة:(فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا) ويجوز
(١) في الكتاب المطبوع هكذا [حرم عليهم من الماء] ولعل الصوب ما أثبتناه. والله أعلم. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).