ذلك، وإنما أراد الإخبار عن كثرة ما أعده للفريقين، وقيل: كلماته معلوماته ما خلق، وما يريد أن يخلق [وبالجملة] إنه لم يرد الموجود، وإنما يريد ما يستأنف، لأن ما حصل في الوجود معروف قدره.
الثالث؛ قوله:(وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) قيل أراد أمره، والمعنى عندى يرجع إلى الخلق، أي: خلقه في رحمها من غير ذكر، وسمي في رحمها من غير ذكر وسمي ليس أيضا في موضع آخر كلمة، وهو قوله:(بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) وذلك أن الناس ينتفعون به كما ينتفعون بكلام الله، ويجوز أن تكون الكلمة هنا من، قوله:(كُنْ فَيَكونُ)، وهو راجع إلى الخلق على ما ذكرنا، ويجوز أن تكون كلمته ألقاها، أي: بشارته ألقاها إلى مريم على لسان ملك، كما قال لنا:(سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا) وقيل ألقاها عليها أي: خلقه في بطنها، وكأنَّ الله أخبر به في الكتب المتقدمة، فلما ولد من غير ذكر، قال الله لها: إن تلك الكلمة، أي: المعنى بالكلمة، وأما الكلمات في قوله تعالى:(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ) فمعناه أمره إياه وابتلاؤه بها تكليفه إياه طاعته فيها؛ سمي التكليف ابتلاء على مقتضى العرف، وذلك إنا لا نعرف ما يأتي الرجل منا، وما نذر حتى يكلفه، والله عالم بنفسه غير محتاج إلى اجتلاب العلم بالابتلاء ولكنه على ما ذكرته.