الثاني: بمعنى في، قال الله:(أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) أي: في الأرض.
الثالث: بمعنى على، وقال اللَّه:(وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا) أي: عليهم، وعندنا أن ذلك يقال على المسامحة والمقاربة، فإذا أردت هذه الوجوه إلى أصل من في العربية صحت؛ فقوله:(يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) أي: ابتداء الغاية من ذلك، وهكذا قوله:(يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ) أي: أمره ابتداء الغاية، وقوله:(مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) أي: ماذا خلقوا بعض الارض.
الرابع: الوجه الذي ذكر أنه زيادة، وهو على ما ذكرناه، قال اللَّه:(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) وقوله: (مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وقوله: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ) قالوا: دخل مِن هاهنا لتختص هذا الملك من سائر الأشياء، وكذلك قوله:(لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) وإذا كان لدخوله معنى خرج من أن تكون زيادة، فقوله:(لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) أي: بعض ذنوبكم، وهو الذي يتولون منه، وقوله:(يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)، فإن مِن للتبعيض، أي: بعض أبصارهم يريد ما حرم عليهم النظر إليه، وقيل؛ هو للتبيين لأنه لما قال؛ (يَغُضُّوا) احتمل أشياء كثيرة، فبين المراد بـ مِن فقال:(مِنْ أَبْصَارِهِمْ) وأما قوله: (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ) بمعنى قوله (مِنَ السَّمَاءِ)