وأصل الترك في الله مجاز وحقيقته هاهنا أنه أوجب لهم العذاب، ويجوز أن يكون المراد أنهم تركوا ذكر الله فمنعهم اللَّه الخير وذلك أن خيرك لا يبلغ من أنت ناسيه، ويجوز أن يكون معناه أنهم تركوا طاعته فعاقبهم اللَّه بنسيانهم إياها فسمي الجزاء على النسيان نسيانا.
الثاني: بمعنى التخليد فِى العذاب، قال اللَّه:(فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ) المعنى خلدناكم في العذاب، وجعله نسيانا؛ لأنه جزاء بالنسيان، وهو ترك العمل للقاء ذلك اليوم، وليس هو خلاف الذكر، لأن ذلك فعل الله، ولا يجوز أن يفعله بهم ويعذبهم عليه على أنه يجوز أن يسمى سبب النسيان الكائن مهنم نسيانا، ويذكر أنه يعذبهم على النسيان، وهو يريد أن يعذبهم على سببه.
الثالث: خلاف الذكر، قال اللَّه تعالى:(سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ) خبر وليس بنهي، وقوله:(لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ) وأراد بقوله: (فَلَا تَنْسَى) الإخبار بفضيلة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أن جبريل يقرأه عليه، وهو أمي فيحفظه ولا ينسى منه شيئا، ثم يقرأ أصحابه، وقيل:(إلا ما شاء اللَّه) أن ينسخه بعد العمل فينسبه النبي - عليه السلام - أمير المؤمنين، ومنه قوله:(مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا).