وما زال صدق المستشير معوناً ... على الرأي لب المستشار المحازب
وأبعد أدواء الرجال ذوي الضنى ... من البرء المستطب المكاذب
فلا تنصبن الحرب لي بملامة ... وأنت سلاحي في حروب النوائب
وأجدى من التعنيف حسن معونة ... برأي ولين من خطاب المخاطب
وفي النصح خير من نصيح موادع ... ولا خير فيه من نصيح مواثب
ومثلي محتاج إلى ذي سماحة ... كريم السجايا أريحي الضرائب
يلين على أهل التسحب مسَّه ... ويقضي لهم عند اقتراح الغرائب
وإن قعودي عنه خيفة نكبة ... للؤم مهز وانشناء مضارب
أقر على نفسي بعيبي لأنني ... أري الصدق يمحو بينات المعائب
لؤمت لعمر الله فيما أتيته ... وإن كنت من قوم كرام المناصب
لهم حلم أنس في عرامة جنة ... وبأس أسود ف دهاء ثعالب
يصولون بالأيدي إذا الحرب أعلمت ... سيوف سريج بعد أرماح راعب
ولا بد من أن يلؤم المرء نازعاً ... إلى الحمأ المسنون ضربة لازب
فقل لأبي العباس ليت وجهه ... وحسبك مني تلك دعوة صاحب
أما حق حامي عرض مثلك أن يرى ... له الرفد والترفيه أوجب واجب
تكلفني هول السفار وغوله ... رفيق شتاء مقفعل الرواجب
كأن تمام الود والمدح كله ... هوي الفتى في البحر أو في السباسب
لعمري لئن حاسبتني في مثوبتي ... بخفضي لقد أجريت عادة حاسب
أيعز عنك الرأي في تثيبني ... مقيماً مصوناً عن عناء المطالب
فتلفى وألفى بين صافي صنيعه ... وصافي ثناء لم يشب بالمعاتب
وتخرج من أحكام قوم تشددوا ... فقد جعلوا آلاءهم كالمصائب
أيذهب هذا عنك يا ابن محمد ... وأنت معاذي في الأمور الحوازب
وأحسن عرف موقعاً ما تناله ... يدي وغرابي بالنوى غير ناعب
أراك متى ثوبتني في مشقة ... رأيتك في شخص المثيب المعاقب
ولو لم يكن في العرف صاف مهنأ ... وذو كدر العرف شتى المشارب
إذا لم يقل أعلى النوابغ رتبة ... لمقول غسان الملوك الأشايب
(علي لعمرو نعمة بعد نعمة ... لوالده ليست بذات عقارب)
وما عقرب أدهى من البين أنه ... له لسعة بين الحشا والترائب
ومن أجل ما راعى من البين قوله ... (كليني لهم يا أميمة ناصب)
أبيت سرى تكليف العرف معفياً ... به صافياً من مؤذيات الشوائب
ألم ترني أتعب فكري محبكاً ... لك الشعر كي لا أبتلي بالمتاعب
وأنت له أهل فإن تجزني به ... أزدك وإن تمسك أقف غير عاتب
فإن سألتني عنك يومً عصابة ... شهدت على نفسي بسوء المناقب
وقلت دعني للندى فأتيته ... فأمسكه بل بثه في المناهب
وما احتجزت عني لهل بحاجز ... ولا احتجبت عني هناك بحاجب
ولكن تصدق فانحرفت لحرفتي ... ففاءت ولم تظلم إلى خير واهب
وما قلت إلا الحق فيك ولم تزل ... على منهج سنة المجد لا حب
وإني لأشقى الناس إن زر ملبسي ... على إثم أفاك وحسرة خائب
وكنت الفتى الذي فيه شيمة ... تشيم عن الأحرار حد المخالب
ولست كمن يغدو وفي كلماته ... تظلم مغصوب ودوان غاصب
يحاول معروف الرجال فإن أبوا ... تعدى على أعراضهم كالمكالب
وأصبح يشكو الناس في الشعر جامعاً ... شكاية مسلوب وتسليط سالب
فلا تحرمني كي تجد عجيبة ... لقوم فحسب الناس ماضي العجائب
ولا تنتقص من قدر حظي إقامتي ... سألتك بالداعين بين الأخاشب
وما أعلقتني رغبة عنك يممت ... سواك ولكن أي رهبة راهب
وليس جزائي أن أخيب لأنني ... جبنت ولم أخلق عتاد حارب
يطالب بالإقدام من عد محرباً ... وسميَّ مذ ناغى بقود المقانب
ولم يمش قيد الشبر إلا وفوقه ... (عصائب طير تبتيدي بعصائب)
فأما فتى ذو حكة وبلاغة ... فطالبه بالتسديد وسط المخاطب
أثبني ورفهني وأجزل مثوبتي ... وثابر على إدرار بري وواظب
لتأتيني جدواك وهي سليمة ... من العيب ما فيها اعتلال لعائب
وما طلب الرفد الهني ببدعة ... ولا عجب المسترفدية بعاجب