للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فدع لجج التعنيف وابك بذي اللوى ... دياراً كأنها للتقادم مهرق

أحالت مغانيها السنون فأصبحت ... قوى لهريق الودق والريح مخرق

وقفت بها والقلب بالوجد موثق ... كفيت الردى والجفن بالدمع مطلق

أناشد بينونة الحي من جوىً ... بقلب إذا هب النسائم يخفق

شج تتصاباه الصبا وتلوعه الجنو ... ب ويشجوه الحمام المطوق

إلى الله أفعال الليالي بها وبي ... لقد كنت منها دائم الدهر أفرق

فسم سمة الصبر الجميل لعلها ... تذيل فإن لم تغن فالصبر أخلق

فلو سلمت من حادث الدهر دمنة ... تمطى على هام الدهور الخورنق

وممن نقل عنه في ((السلافة)) عفيف الدين عبد الله بن الحسين جاشل, الثقفي، قال في حقه: ثقفي النسب, مثقف قناة الحسب، برى نبعة طبعه بالمروءة وثقف, وجرى إلى آماد الفتوة وما توقف، وخطب عرائس الكرم والوفا, فبنى عليه بالبنين والرفا إلى أخلاق أقطعها الروض أنفاسه, وشيم يتنافس فيها رغبة ونفاسه, وله شعر تأخذ محاسنه السالمة من التصنيع بمجامع القلوب وفق ما قيل:

حسن الحضارة مجلوب بتطرية ... وفي البداوة حسن غير مجلوب

وكم أنشد الأسماع حاله المطرب:

ولست بنحوي يلوك لسانه ... ولكن سيلقي أقول فأعرب

وقد اثبت له ما نغتبقه راحا ونملا بلطافته ومحاسنه راحا فمن ذلك قوله مراجعاً للأخ الأعز السيد محمد يحيى عن قصيدة كتبها إليه:

سقى طللاً بين الأجارع واللوى ... وحيا زمانا لم نرع فيه بالنوى

وريعاً لأيام هناك سوالف ... قضينا بها عصر الشبيبة والهوى

بظل جناب والندامى عصابةً ... كرام المساعي ترغم الخصم إن غوى

على السفح ما بين القصير إلى الحمى ... إلى الحصن نطوي الود عنا وما انطوى

ليالي لا تخطي سهام رميتي ... ولا عاقني الوالي الغيور إن زوى

وأصبحت يثنيني الحجى عن هويتي ... ويمنعني دهر تمادى وما ارعوى

ولله كم من يوم دجن وصلته ... بليل على الربع الجنوبي وما حوى

وساعات أنس كلما عن ذكرها ... يهيجن فرط الصبابة والجوى

لكل غضيض الطرف أحوى إذا رنا ... سباك النهى والصبر واستأثر القوى

إذا افتر عن ثغر حكى الدر نظمه ... وإن لاح قلت الشمس في خط الاستوا

يشير فأدري ما يقول برمزه ... فأقضي على ما في هواه بما نوى

عليهم بعلات الغواني وطبها ... ومفتي الندامى في محاورة الهوى

جريت على طرق الغرام كما جرت ... مواهب يحيى في النوال بما أحتوى

فتى فيه للراجي مخائل تقتفى ... على أنه حامي الكتيبة واللوا

نماه إلى العليا أكارم سادة ... مآثره مشهورة لمن ارتوى

أيا ابن الذي أحيا الندى بعد موته ... وشيد ربع المجد من بعد ما هوى

وصنو الذي يبدو لذي الحدس أنه ... إمام هدى عن ذروة العز ما لوى

أتاني من نادي علاك جريدة ... تضمن معناها الحريري بما روى

تخبر عن صب ضنين بظبية ... محجبة تحكي غزالاً بذي طوى

فحسبك دين الحب ديناً فإنه ... ترقى بأرباب القلوب عن السوى

ولا تبتئس من قول لاحٍ ولائم ... لعمرك ما ضلَّ المحب وما غوى

إليك عماد الدين عقداً يصوغه ... هوى لكم بين الجوانح قد ثوى

ودم وابق واسلم ما ترنم طائر ... وما زمزم الحادي بمنعرج اللوى

وله أيضا مراجعاً له عن أبيات كتبها إليه:

خليلي هل رند الحجاز على علمي ... وهل ربرب الوادي مقيم على السلم

وهل أثلاث الواديين أنيقة ... تعهدها الغولان غب الحيا الوسمي

وهل ربرب الربع الحنوبي ثابت ... على ما مضى أم قد تمادى على صرمي

رعى الله هاتيك المنازل إنها ... وإن بعدت شوقي إليها انتضى عزمي

معاهد أنس كلما عنّ ذكرها ... لقلبي ترى عيني مدامعها تهمي

فما ساعدت ورق الحمام أخا أسى ... ولا روحت ريح الصباعن أخي همّ

فيا مربع الترحال قل لابن أحمد ... ربيب العلى يحيى وترب الندى المسمي

أتاني من نادي علاك رسالة ... نفثت بها كلمي وزدت بها سقمي

تضمن من خمسين يوم شكاية ... فما الحب إلا ما يمضّ وما يصمي

<<  <   >  >>