لا يقبضون عن الحسنى أناملهم ... ولا يحازون بالأسوا إذا قدروا
يبيت في الأمن مولاهم وحاسدهم ... بالويل حشو شاه الخوف والحذر
لا تنكر الناس ما عاشوا سوابقهم ... ولا يساجلهم قوم وإن فخروا
يا ماجداً يهب الدنيا بأجمعها ... عفواً ويعطي الضنايا وهو يعتذر
تهن بالعيد والعام الجديد معاً ... فالعيش مقتبل والدهر مؤتمر
ودم كرضوى دواماً لا زاول له ... تنهى وتأمر لا عي ولا حصر
وقال يمدحه:
إلى كم وقوف العيس في دارس الرسم ... وحتام استسقي من الدمع ما يظمي؟
لقد كان لي عما تجشمته غنى ... ولكنها الأقدار تجري على حتم
طحا بفؤادي حب نعم وهجرها ... فيا ويح قلبي ما يقاسيه من نعم
من البيض لم تظعن بعيراً ولم ترع ... بسبي ولم تلق الرباق على البهم
كأن على أنيابها ذوب سكر ... وماء ٌغمام ما زجته ابنة الكرم
أحن لسقمي إذ بها كان أصله ... وحسبك من صب يحن إلى السقم
يحاولني قومي على ترك حبها ... ولي في الهوى شغل عن الترك والعزم
أأسلو وروحي قد تملكها الهوى ... فجردها عن العالم الروح والجسم؟
يعز على الرائين تمثيل صورتي ... ولكنما المرئي نوع من الوهم
وإن قال قوم غير ذاك وأرجفوا ... فقد تجنح الحرب العوان إلى السلم
ورب فتاة يغتسل الكحل دمعها ... على ما رأت بي للنوائب من وسم
فديتك لا تستكثري ما رأيته ... فرب نحيف الجسم ذو شرف ضخم
وما النار إن فكرت لا شرارة ... فما هو إلا أن تشب وأن تنمي
وخير الظبى ما أرهف القين حده ... ونيل العلى من ذابلات القنا الصم
حنا نيم إني ما تقحمت مورداً ... فأعذبته حتى أمر له طعمي
خبير بما يرضي الخليط مجرب ... فأصمت عن حلم وأنطق عن علم
وأضرب وجه الأرض شرقاً ومغرباً ... وبراً وبحراً لا أقيم على رسم
أزاحم آساد الشرى في مقيلها ... نهاراً وانضي العيس في حالك الدهم
فإن ظفرت عيني برؤية أحمد ... فقد نلت من أعلى العلى وافر القسم
وحلت ركابي في رحال ابن حرة ... له راحة تستهلك البحر إذا تهمي
وليس يبالي من أقام بظله ... جناية جان أو ظلامة ذي ظلم
حمى لم ترعه الحادثات كأنه ... رياض منى والخيف باكرها الوسمي
يضيء دياجي الخطب نور جبينه ... وتشرق منه غرة الزمن الجهم
إذا ناضل الأعداء عاد بفضله ... ظهيراً ولو بالمذلة والرغم
أشد من الليث الهصور شكيمة ... وأمضى من السيف اليماني والسهم
كلا راحتيه معدن البأس والندى ... فجود إلى جود وعزم إلى عزم
بواعثه مقصورة عن سوى العلى ... فيسعى لما يرضي ويسمو لما يسمي
وما أعجزته همة عن مرامه ... ولو كان ما يبغيه في هامة النجم
إذا ما مضى في عصبة هاشمية ... كأس لشرى قد سربلت حلل الرقم
تذل له غلب الرجال مهابة ... ويرجف منه قلب ذي المارق الدهم
وإن رمق الحصن المنيع بطرفه ... تداعى بلا هدم وخر بلا رجم
إليك نظام الدين مني مدائحاً ... تفوق عقود الدر في الحسن والنظم
لها نسب في الآخرين وإنها ... وحقك يا مولاي فاقت على القدم
تهنيك بالنيروز لا زلت باقياً ... لأمثاله تسمو على العرب والعجم
وقال يمدحه:
لك الخير لا زيد يدوم ولا عمرو ... ولا ماء يبقى في الدنان ولا خمر
فبادر إلى اللذات غير مراقب ... فمالك إن قصرت في نيلها عذر
فإن قيل في الشيب الوقار لأهله ... فذاك كلام فيه عن مسمعي وقر
وقالوا نذير الشيب جاء كما ترى ... فقلت لهم هيهات ان تغني النذر
لئن كان رأسي غير الشيب لونه ... فرقة طبعي لا يغيرها الدهر
يقولون دع عنك الغواني وإنما ... قصارك لحظ العين والنظر الشزر
وهل فيك للغيد الحسان بقية ... وقد ظهر المكنون وارتقع الستر
فما للغواني وابن سبعين حجة ... وحكم الهوى جهل ومعروف نكر؟
فقلت دعوني فالهوى ذلك الهوى ... وما العمر إلا العام واليوم والشهر