للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أؤمل منه بعيد المرام ... كمن شرب الراح حتى انتشى

ولا زال في كل عيد يعود ... بأرفع مجد وأعلى بنا

ومن قوله مادحاً شهاب الدين السيد محمود الألوسي ويهنئه ببعض ال'ياد: سكب الدمع لها فانسكبا=وقضى من حقها ما وجبا

أربع لولا تباريح الهوى ... ما جرى دمعك فيها صببا

وجدت فيها السوافي ملعباً ... للنوى فاتخذتها معلبا

ما لقينا بوقوف الراكب في ... ساحة النعمان إلا نصبا

ذكر الصب وهل ينسى بها ... زمن اللهو وأيام الصبا

يا رعى الله بها لي قمراً ... مشرق الطلعة لكن غربا

أمنى للنفس في أهل منى ... وقباب الحي وادي قبا

فلقد كنت وكانت فتية ... أنجم الأفق وأزهار الربى

ذهب الدهر بهم فامتزجت ... فضة الأدمع فيهم ذهبا

يا خليلي وهلا شمتما ... بارقاً لاح لعيني وخبا

فتورى كفؤادي لهباً ... ثم أورى زنده والتهبا

لعب الشوق بأحشائي وما ... جدَّ جد الوجد حتى لعبا

فانشدا لي في الحمى قلباً فقد ... ضاع مني في الحمى أو غصبا

نظرت عيني أسراب المها ... نظرة كانت لحيني سببا

يوم أصبتنا إلى دين الهوى ... فتعللنا بأرواح الصبا

وعدونا زورة الطيف أما ... آن ميعادهم واقتربا

أرب النفس وحاجات امرئ ... ما قضى منكم لعمري أربا

قضت الأيام فيما بيننا ... أننا لم نلق يوماً طربا

وهب الدهر لنا لذتهُ ... واسترد الدهر ما قد وهبا

ومنعنا من أفاويق الطلا ... منهلاً كان لنا مستعذبا

فحدا الحادي لسقيا عهدكم ... عارضا إن ساقه البرق كبا

مقلة الوالع يذرى دمعها ... وبكى القطر لها وانتبا

أمر القلب بصبر فعصى ... ودعى الصبر إليها فأبى

قلما يدعى فيقضي حاجة ... وإذا ما انتدبوه انتدبا

والليالي فلك ما أطلعت ... كل يوم عجباً مستغربا

وكآفاق العلى ما أطلعت ... كشهاب الدين فينا كوكبا

فتأمل في معاني ذاته ... وتفكر فتحدث عجبا

هيبة لله في مطلعه ... ملأت قلب الأعادي رعبا

يرتجي جوداً ويخشى سطوة ... رغباً يرجى ويخشى رهبا

عالم الدنيا وناهيك به ... لا يشوب العلم إلا أدبا

معرب عن فكره الثاقب إن ... زف أبكار المعاني عربا

كم تجلت فجلت أفكاره ... من سنى كل عويص غيهبا

فأرتنا الحق يبدو واضحاً ... بعد ما قارب أن يحتجبا

بلسان يفصل الأمر به ... كسبا الصمام أو أمضى سبا

فخذ اللؤلؤ من ألفاظه ... واجتن إن شئت منها ضربا

وفكاهات إذا أوردتها ... نظمت فوق المحيا حببا

وكمالات له معجزة ... وأحاديث رواها نخبا

أين من راق في السمع كما ... قد يروق العين فيما كتبا

وكلام راق في السمع كما ... قد يروق العين فيما كتبا

علوي من أعالي هاشم ... هاشم الجود ويكفي نسبا

صاغه الله لقوم أربا ... ولقوم حسدوه عطبا

لا يزال الدهر يعلو جده ... مرتقيها في المعالي رتبا

فإذا بوحث في الجد علا ... وإذا غولب فيه غلبا

أبلج تحسبه بدر دجى ... أو بأضواء الصباح انتقبا

ديمة منهلة ما شمت في ... بارق الآمال منها خلبا

ولئن أصبح روضي ممحلاً ... فكم أخضر به واعشوشبا

يهنك العيد فخذ من لائذ ... بك ما كنت له مستوجبا

شاكراً منك على العيد يداً ... لم أفاخر بسواها السحبا

فتفضل يا ابن بنت المصطفى ... أشرف العالم أماً وأبا

وله فيه رحمه الله تعالى:

أبو الثناء شهاب الدين ما بلغت ... عقائل المال إلا من مواهبه

قضى على المال بالإنفاق نائله ... فقلت يا فوز راجيه وطالبه

وكلما رحت أستسقى سحائبه ... سقيت عذباً نميراً من سحائبه

مستعذب الجود يحني الشهد سائله ... كما يسوغ ويستحلى لشاربه

سيف الشريعة ماضي الحد منصلت ... فهل فرت بأمضى من مضاربه

وهل سمعت بفضل عد في زمن ... ولم يكن آخذاً منه بغاربه

<<  <   >  >>