من العرب مطبوع الفصاحة والندى ... وغنى بشعري أهل فضل فأسكرا
فأطرب ذا علم ورنح ضيغماً ... وهز أخا شوق وأرقص جؤذرا
وإِني لمنسوب لآل كرامة ... وحاشاه أن يأَبى الكرامة مدبرا
ففي حلب والشام رنت قصائدي ... وشعري في روض الكنانة أزهرا
وما كان منه ذاك إلا ليبتلي ... ويعلم آدابي فيغدوا مخبرا
وأحسبها منه يدا قد أراد أن ... أكون شهيراً بالعراق وأُذكرا
ولما وقف السيد رحمه الله على قصيدتيهما أحب أن يحكم بينهم فيما تشاجرا فيه.
فقال:
حكمت وحكم الحق ناء عن المرا ... بأن التميمي الأديب تعثرا
بذم قواف في تمام جناسها ... وذلك نوع في البديع تقررا
وعند اتحاد الجنس فالنوع سائغ ... تعدده بل كم أفاد تخيرا
وليس مرادا دين من رق طبعه ... أكان حنيفاً مسلماً أو تنصرا
وحسبك منه ما يفصل عقده ... من النظم والمنثور دراً وجوهرا
وكم مسلم منه اللسان وقلبه ... على غير دين فضله قد تصدرا
وظلم ذوي الآداب والفضل عيبهم ... بما صنعوا من رقة الشعر في الورى
وما كل وراد المناهل مفلق ... ولا رعيه الحوذان كان المؤثرا
وأكثر كتاب البلاغة لم يرد ... شبيثاً ولامس الخزامى المنورا
ولم يك للأديان في الشعر مدخل ... وكل قديم الشعر كان المصدرا
وقادتهُ الأعلون في جاهلية ... وشرك وهل كالشرك تلقى مكفرا
وقد قام من أهل الكتابين زمرة ... جنوا من رياض الشعر ما كان مزهرا
فمن كابن عباد يجاري مهلهلا ... وكان مسيحياً تقدم يشكرا
وكالأخطل المعروف شاعر تغلب ... يسوق به القسيس في الدير كالفرا
وكعب هو ابن الأشرف القرظي من ... بأَشعاره وصف الخراعب أسفرا
وقس مضى طول الحياة موحداً ... وما نقل التثليث عند ولا اجترا
كذلك عابوا للتميمي قوله ... ألا فاعفنا عن رد شعر تنصرا
إِذا منه عجز عن مجاراة خاله ... فمال إلى الأديان عمدا تهورا
ولو أنه يدري بقولي لقال لي ... عهدناك تعفو عن مجيب تعذرا
وأي مقال قد خلا من معارض ... فلو عابه بالانتحال لما افترى
إذا صح عنه الادعاء لنظم ما ... بها الخال قد عم القوافي مكررا
فمن سرقات الشعر ما كان حده ... يقام على الجاني فيصبح أبترا
ويبعد عن هذا الظريف ادعاؤها ... لشهرتها بين الرواة ومن درى
ونسبتها للعاملي قديمة ... وخمسها منهم نبيه فحررا
وعارضها ذاك المخمس فانثنى ... بمدح جواد ضمنه أسد الشرى
وتخميسها عندي وما عورضت به ... وأخرى بكسر اللام يعرب من قرا
على أنني ذيلتها بمديح من ... يقرر فضل النظم والنثر إذ طرا
ولازمت خالاً فوق وجنتها هوى ... لأرشف من تلك الثنايا المكررا
وجاء له لحن ولكن مخففا ... برائية فيها الجواب تقررا
فقال مسيحي ثم في البيت موسوي ... بتسكين ياء النسبة القول يزدرى
وذلك لحن في قواعد معرب ... كما جاء هذا للنحاة مسطرا
وكل انتقاد الشعر دون انتحاله ... وذلك عيب ضمنه وصمة افترا
بدت لأبي سلمى زهير عناية ... بتهذيب حولياته قبل أن ترى
بها بلغ الغايات في حسن شعره ... وفي بيته فالشعر يروى محررا
كما شاع حر الشعر في بيت بطرس ... وفي نجله بين المدائن والقرى
فصيح رقى أوج البلاغة يافعاً ... فأَشعاره حلى بها ربع قيصرا
لأَفكار غر القوافي قريبة ... وعن غيره بعد الثريا عن الثرى
أتى منه نظم هد حجة صالح ... وإن كان في المنظوم قدماً تصدرا
فأيدت ذاك الرد إذ كان صالحاً ... وزدت له بالاحتجاج ليشكرا
وما قلته بين الفريقين واضح ... فأمعن لهذا القول في الحكم منظرا
وكن منصفاً فيما ترجح بعدما ... تدير الحجا فيما تراه لتعذرا
لكل تراني قد قضيت بحقه ... وأسال هادينا الهدى والتصبرا
وقد كان لي من صالح خير صحبة ... وعند اتباع الحق ما زلت أجدرا
وقد مر لي بالشعر بعض علاقة ... وحكمي ماض فيه أنفذه الورى