وإن عذاب النار حق أعاذنا ... إله الورى منها فتعذيبها غرم
أعدت لأهل الكفر دار إقامة ... إذا نضجت أجسادهم بدل الجسم
ولم يبق فيها من توفي موحداً ... بإجرامه حتى ولو عظم الجرم
وإن لخير المرسلين شفاعة ... بها المصطفى من بين أقرانه يسمو
فيشفع فيهم وهو خير مشفع ... فينزل من رب الورى لهم الحكم
فما ظالم إلا ويجزى بظلمه ... وما محسن إلا يوفي ولا هضم
فشفعه اللهم فينا بموتنا ... على ملة الإسلام يا من له الحكم
وصلى إله العالمين مسلماً ... على من به للأنبياء جرى الختم
كذا الآل والأصحاب ما قال قائل ... على العلم نبكي إذ قد اندرس العلم
وقال رحمه الله تعالى لما قضى على أهل الذرعية وذلك سنة ١٢٣٣:
أليل غشى الدنيا أم الأُفق مسود ... أم الفتنة الظلماء قد أقبلت تعدو؟
أم السرج النجدية الزهر أطفئت ... فأظلمت الآفاق إذ أظلمت نجد
نعم كورت شمس الهدى وبدا الردى ... وضعضع ركن للهدى فهو منهد
لدن حل بالسمحاء خطب فأوحشت ... مساكنها وازور عيش بها رغد
تفرق أهلوها وسل على الهدى ... سيوف على هامات أنصاره تشدو
وفل حسام الدين بل ثل عرشه ... لدن غاب عن آفاقه الطالع السعد
بأيدي غواة مفسدين لقد عثوا ... وجالسوا خلال الدار وانتثر العقد
قضاء الرحمن جار بحكمه ... ولله من قبل الأمور ومن بعد
فآه لها من وقعة طار ذكرها ... وكادت تميد الراسيات وتنهد
وفاضت دموع كالعقيق لما جرى ... وكادت لعظم الخطب تنصدع الكبد
وقد أقذع البصري في ذم شيخنا ... وأنصاره تباً لما قاله الوغد
أيهجو إماما هادياً أرشد الورى ... إلى منهج التوحيد فاتضح الرشد
وبصرهم نهج المحجة فاهتدوا ... وآبو إلى الإسلام من بعد أن صدوا
سقى روحه الرحمن وابل رحمة ... وعم هتون العفو من ضمه اللحد
وأبناؤه الغر الكرام قد اقتفوا ... محجته المثلى وفي نصرها جدوا
فكانوا إلى التوحيد يدعون دأبهم ... فكم قد لأفادوا من يروح ومن يغدو
وكم فتنة جلت فجلوا ظلامها ... بنور الهدى حتى استبان لنا الرشد
ومهما ذكرت الحي من آل مقرن ... تهلل وجه الفخر وابتسم المجد
هم نصروا الإسلام بالبيض والقنا ... فهم للعدى حتف وهم للهدى جند
غطارفة ما إن ينال فخارهم ... ومعشر صدق فيهم الجد والجد
وهم أبحر في الجود إن ذكر الندى ... وإن أشعلت نار الوغى فهم الأسد
فكم مسجد قد أسسوه على التقى ... وكم مشهد للشرك بنيانه هدوا
بهم أَمن الله البلاد وأهلها ... فهم دون ما يخشونه الردم والسد
ولما مضت تلك العصابة لم يقم ... بعدلهم من ضمه الشام والهند
ولكن فشى فيها الخنى وبدا الزنا ... فلم تنكر الفحشا ولم يقم الحد
وكم فتنة عمت وكم طل من دم ... حرام وكم ضلت عصائب وارتدوا
وكم قطع السبل البوادي وأفسدوا ... فصاروا مثل الذئاب التي تعدو
فإن كان هذا عنده الدين والهدى ... فقد فتحت للدين أعينه الرمد
فشكراً بني الإسلام قد ردّ ربنا ... لكم كرة من بعد ما يئس اللد
وأقسم قوم أنها دولة مضت ... وليس لما قد فات عود ولا رد
وقلنا لهم نصر الإله لحزبه ... به جاء في القرآن والسنة الوعد
فعادت كما كانت بفيصل رحمة ... من الله مولانا له الشكر والحمد
فهذا إمام المسلمين مؤيدا ... له النصر والإقبال والحلل والعقد
علينا دعاء الله سراً وجهرة ... له وله منا النصيحة والود
وصلى إله الغر الكرام وصحبه ... ومن لم يزل يقفو طريقهم بعد
وقال رحمه الله تعالى سنة١٢٨٢، يرثي إمام المسلمين، وحامي الملة والدين، الملك القمقمام، والبطل المقدام، أبو الأيتام والمساكين، ومن لا تأخذه لومة لائم في رضى رب العالمين. الإمام فيصل بن تركي السعود. تغمده الله برحمته وأدخله فسيح جنته آمين.
على فيصل بحر الندى والمكارم ... بكينا بدمع مثل صوب الغمائم