ولما انقضى باليمين واسقبل الورى ... هلال التهاني واجتلهت النواظر
ترقرق ماءُ البشر في وجنة الضحى ... وسالت بأفواج الرجال المعابر
ولاح لنا عيد زها بسماته ... كما افتر ثغر الغيد أورق هاجر
كأن المعاني إذ تأرج نشرها ... غوان تفيض المسك والجو عاطر
كأن الأماني في المطارف فصلت ... على الشعب فازدانت بهن المظاهر
ألا ليت من أضحى بنجد مقيلة ... رأى كيف ماست بالأمير المشاعر
أجل قد شهدنا فيصلاً في جلاله ... كما انحسرت دون الشموس الستائر
ومن حوله الأَمجاد من آل يعرب ... نجوم أحاطت بالمنير زواهر
تهلل كالغيث الهتون وأشرقت ... أسرتهُ واستعذبته الضمائر
كأن به مروان في دست ملكه ... إذ الجيش غاز والحياة مآثر
كأن به هارون في ظل سدة ... تدانت إليها بالخضوع القياصر
كأن أخا الأشبال نفسي فداؤه ... مليك الحجا عبد العزيز المقاهر
فهل رأَت الأبصار مثل وقاره ... حكيماً أُنيرت في صباه البصائر
عزوفاً أنوفاً نائفاً متعطفاً ... ظريفاً لطيفاً للمقارف غافر
تدرع سربالاً من الحزم ضافياً ... وفاض كما تهمي المزون البواكر
ووطد أركان الأَمان بسيفه ... فلا خوف إِلا ما جنته الجرائر
فلله عينا من رآه بمجلس ... أنيق قد انثالت عليه الجماهر
وكل امريءٍ قد أبطن الحب قلبه ... وفي وجهه ومصٌ من الود ظاهر
كأَني وحولي من سلالة وائل ... عصائب تبني ما سفته الأَعاصر
تبوأت ما بين السماكين منزلاً ... ولم لا وشعبي حالفته المفاخر
أولئك أقوامي الذين توسدوا ... على هامة الجوزاء يوم تضافروا
لهم غابر لم يبله الدهر ساحر ... وعز على أنف العواذل حاضر
فمرحى لأَبناء الجزيرة نهضة ... قد ائتلفت منها الصوى والمنابر
وحي هلا بالبعث من بعد رقدة ... ويا نعم ما أَوحت إِلينا الفواقر
ويا حبذا التوحيد في كل حلبة ... وما المجد إِلا ما حوته البواتر
وقد صفت الأجناد في كل بلدة ... وغصت بآساد الكفاح المغاور
فهيا إِلى التعليم نحسوا شرابه ... لنروي نفوساً أصدأتها الهواجر
ففي كل ربع للعلوم معاهد ... وفي كل جمع للرشاد منابر
وفي كل نبع للبذور مغارس ... وفي كل فرع للثمار مهاصر
فلا عذر للوانين إِلا تكاسل ... ولا لوم للفانين إِلا التهاتر
ولست وإِن طال الزمان بقانط ... فلي أمل في يقظة القوم ناضر
وللشعب في فخر العروبة فيصل ... وفي صاحب التاجين ذخر وناصر
فلا زلتما للعيد عيداً وللورى ... سعوداً ونظمي فيكما الدهر عامر
وممن مدح الملك عبد العزيز أعزه الله وخذل من ناواه الشيخ عبد المحسن الكاظمي وذلك سنة١٣٤٩ وقد أجاد فيها وأفاد:
الملك ملكك مل تقيم وترحل ... والأمر أمرك ما تقول وتفعل
العرش عرش المجد مذ بوئته ... والتاج تاج بالفخار مكلل
ما كل عرش شيد عرش صادق ... التاج فيه تاجه المستكمل
فلرب عرش كاذب شمخت به ... جلاسه وهو الحضيض الأسفل
شتان من حفلوا به وبذكره ... يوم الفخار ومن به لا يحفل
أمقطر الأَبطال صاعك طافح ... ومقصر الآجال باعك أطول
مهما يكن شاكي السلاح مدججاً ... بسلاحه فأَمام عزمك أعزل
أوتيت من حكم وفكر ثاقب ... ما يضمن الفوز المبين ويكفل
وأتيت في الدنيا بما لم يؤته ... مأَمونها فيها ولا المتوكل
إِن كان في العهد الأخير ليعرب ... ملك فأنت لها المليك الأول
أو كان عدلك في الرعية شاملاً ... فسناك في الدنيا أتم وأشمل
فإِذا الملوك العادلون تتابعوا ... متعادلين فثق بأنك أعدل
رمت المطامع يعرباً فوقيتها ... لولاك لم يسلم ليعرب مقتل
وكفيتنا عنت الليالي كلما ... جاءت ليالينا بما هو أليل
أفعالها كانت قواتل المرجا ... فرددتها قتلى بما هو أَقتل
صنت البقية من دماء أوشكت ... تودي بها أطماعهم وتنكل