وفي سنة ١٣٢٦ ست وعشرين بعد الثلاثمئة والألف: قسم الله إن المرحوم عبد الله بن محمد بن خاطر يخرج للقنص مع صاحب له وبعض خدامه، وإتفق أن يعرض لهم ركب من آل جابر، وأغاروا على عبد الله وأصحابه، ورماهم عبد الله وأصاب منهم رجلاً، ورموا عليه عدد بنادق وقتلوه، فلما وصل خبر مقتله البلاد حزن الناس عليه حزناً شديداً لما يعهدون فيه من حسن السيرة وجميل الأخلاق، وكرم الذات، ورثي بالمراسي الفائقة. وممن رثاه الشيخ محمد بن حسن المرزوقي رحمه الله بمرثية طويلة أجاد فيها، واستقصى جميع مآثره، ولم أظفر بها، ثم أنه أرسلها إلى الشيخ سليمان بن سحمان وطلب منه أن يساعده بمرثية أخرى فأجابه بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم من سليمان بن سحمان إلى جناب الأخ المكرم محمد بن حسن المرزوقي سلمه الله تعالى وأسبغ عليه نعمه ووالى، أمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأزكى واشرف تحياته وبعد. فقد وصلت إلينا المرثية في الأخ عبد الله بن خاطر، وطلبت مني الجوا ب وأنت لم تترك مقالاً لقائل، قد استوفيت المقصود ورثيت المفقود، ولكن لم يسعني إلا مجاوبتك بهذا النزر اليسير، ليكون لك تسلية في هذا الخطب الخطير.
يا راكباً من رياض المجد مرتحلا ... عجلان منتجعاً ذا العفة السامي
لذي الفضائل من دين ومكرمة ... محامياً لحمى الأخوان عن ذام
لله لا لهوى يدعوه أو طمع ... أكرم به من محب صادق حام
ولم يزل بازلاً للجد مجتهدا ... في قمع كل لئيم خانع رام
وقد دهاه مصاب من أخي ثقة ... وقد رثاه فأعلى مجده السامي
لفقده لأمور كان يأملها ... دينا ودنيا وتبجيلاً بأكرام
للوافدين من الأخوان أجمعهم ... وللمحاويج من كل وأرحام
وكان مما دهانا من مصيبته ... مما نؤمل من جود وأنعام
فوات عزم على موعوده وعلى ... طبع الصواعق ردي بهت أقوام
فهل ترى يا أخي من بعده أحداً ... يروم ما رامه في الخير أو حام
إني لأرجو إلاهي أن يعوضنا ... من إلاه الغر ذا عزم وإقدام
وفي بني الشيخ أعني قاسماً درر=غير ميامين من سادات حكام
هم أهل مجد ونور يستضاء به ... في الدين بل هم لعمري أهل عام
أنصار دين الهدى في كل معضلة ... كهف العفاة وأرحام وأيتام
وقد أتاني نظام منك تطلبني ... فيه الجواب ولم آلو بإكرام
لكن ما الخل قد أبدا محاسنه ... وقد رثاه فلم يترك لنظام
من الرثاء مقالأ في مدائحه ... أم من المآثر إحسان وإنعام
لكن إجيبك إكراماً وتسليةً ... فيما أصابك من غم وإثقال
فهاك نظام فريد في محاسنه ... نزراً يسيراً يسلي بعض أيامي
يا عين جودي بدمع هامع هامي ... على الأغر الآبي الفاضل السامي
لا تسأمي أن تفضي الدمع عن كثب ... على الدوام بدمع منك سجامي
على الوفي الصفي اللوذعيومن ... بادين يسمو عن الأدناس والذام
أخي المكارم عبد الله ما انحسرت ... في المسلمين له آثار إنعام
أبكيه لما أتانا نعيه حزنا ... يا لهف نفسي على ذي العفة الحامي
مجاهداً جاهداً فما يقربه ... من الإله بإخلاص وإعظام
وبذل جهد وإحسان ومكرمة ... قد كان ذاك منذ أعوام
يغار لله أن تؤتى محارمه ... لم يخشى في ذاك من لو مات لوام
يحب في الله أهل الدين مرتجياً ... فضلاً من الله من جود وإكرام
وان عرا الدين ثلم قام منتصراً ... في قمع كل مجد فيه أو رامى
حوى المكارم عن جدٍ أخي ثقة ... وعن مآثر أخوال وأعمام
ما كان في قطر من فضل منقضا ... إلا وقاسم فيها القادم والسامي
حامى على الدين حتى اعتز جانبه ... لله درك من حام لإسلام
يا لهف نفسي ويا حزني ويا أسفي ... على الذكي الرضي المنهل الطامي
مضى شهيداً وحيداً في مكارمه ... لله درك من حام وضرغام
لما أتاه الأعادي قاصدين له ... لم يثنه الخصم عن ورد وإقدام
ولا استكان لدى الأوباش من رهق ... منهم هنالك من ذل وإحجام
لكن رماهم فأوى من رماه فقد ... لاقى المنون ولاقى ضرب مقدام