سعت بيننا الواشون حتى حجولها ... ونمت بنا الاعداء حتى عبيرها
وهمت بنا لولا غدائر شعرها ... خطى الصبح لكن قيدته ضفورها
ليالي يعيديني زماني على المدى ... وان ملئت حقداً على صدورها
ويسعدني شرخ الشبيبة والغنى ... إذا شأنها اقتارها وقتيرها
ومذقلب الدهر المجن أصابني ... صبوراً على حال قليل صبورها
فلو تحمل الأيام ما أنا حامل ... لما كاد يمحو صبغة الليل نورها
سأصبر إما أن تدور صروفها ... علي وإما تستقيم أمورها
فإن تكن الخنساء إني صخرها ... وإن تكن الزباء اني قصيرها
وقد أرتدي ثوب الظلام بجسرة ... عليها من الشوس الحماة جسورها
كأني باحشاء السباسب خاطر ... فما وجدت إلا وشخصي ضميرها
وصادية الأحشاء غضي بآلها ... يعز على الشعرى العبور عبورها
ينوح بها الخريت ندباً لنفسه ... إذا اختلفت حصباؤها وصخورها
إذا وطئتها الشمس سأل لعابها ... وان سلكتها الريح طال هديرها
وإن قامت الحربا توسد شعرها ... أصيلاً إذاب الطرف منها هجيرها
تجنب عنها للحذار جنوبها ... وتدبر عنها في الهبوب دبورها
خبرت مرامي أرضها فقتلتها ... وما يقتل الأرضين إلا خبيرها
بخطوة مر قال أمون عثارها ... كثير على وفق الصواب عثورها
ألذ من الأنغام رجع بغامها ... وأطيب من سجع الهديل هديرها
نساهم شطر العيش عيشاً سواهما ... لفرط السرى لم يبق إلا شطورها
حروف كنونات الصحائف أصبحت ... تخط على طرس الفيافي سطورها
إذا نظمت نظم القلائد في البرى ... تقلدها خصر الربى ونحورها
طواها طواها فاغتدت وبطونها ... تجول عليها كالوشاح ضفورها
يعبر عن فرط الحنين أنينها ... ويعرب عما في الضمير ضمورها
نسير بها نحو الحجاز وقصدها ... ملاعب شعبي بابها وقصورها
فلما ترامت عن زود ورماها ... ولاحت لها أعلام نجد وقورها
وصدت يميناً عن شميط وجاوزت ... ربى قطن والشهب قد شف نورها
وعاج بها عن رمل عاج دليلها ... فقامت لعرفان المراد صدورها
غدت تتقاضاها المسير لأنها ... إلى نحو خير المرسلين مسيرها
ترض الحصى شوقاً لمن سبح الحصى ... لديه وحيا بالسلام بعيرها
إلى خير مبعوث إلى خير أمة ... إلى خير معبود دعاها بشيرها
ومن أنقذت مع وضعه نار فارس ... وزلزال منها عرشها وسريرها
ومن نطقت توراة موسى بفضله ... وجاء به انجيلها وزبورها
ومن بشر الله العباد بأنه ... مبشرها عن إذنه ونذيرها
محمد خير المرسلين بأسرها ... وأولها في الفضل وهو أخيرها
أيا آية الله التي قد تبلجت ... على خلقه أخفى الضلال ظهورها
عليك سلام الله يا خير مرسل ... إلى أمة لولاه دام غرورها
عليك سلام الله يا خير شافع ... إذا النار ضم الكافرين حصيرها
عليك سلام الله يا من تشرفت ... به الأنس طراً واستتم سرورها
عليك سلام الله يا من تعبدت ... له الجن وانقادت إليه امورها
إلى أن قال في مدح أهل البيت رضي الله عنهم:
جبال إذا ما الهضب دكت جبالها ... بحار إذا ما الأرض غارت بحورها
شموس لكم في الغرب ردت شموسها ... بدور لكم في الشرق شقت بدورها
إذا جولست للبذل ذل نظارها ... وإن سوجلت في الفضل عز نظيرها
وقال في الصحب رضي الله عنهم:
وصحبك خير الصحب والغرر التي ... بها أمنت من كل أرض ثغورها
كماة حماة في القراع وفي القرى ... إذا شط قاريها وطاش وقورها
إلى أن قال: إذا ما القوافي لم تحط بصفاتكم=فسيان منها جمها ويسيرها وهي طويلة اقتصرت منها على هذا القدر.
وقال يمدح الملك الناصر لدين الله محمد بن قلاوون وقد اقترح عليه أرباب الدولة معارضته قصيدة المتنبي: (بابي الشموس الجانحات غواربا) .
أسبلن من فوق النهود ذوائباً ... فتركن حبات القلوب ذوائباً
وجلون من صبح الوجوه أشعة ... غادرن فود الليل منها شائباً