للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في مجلس سوى الخلائق في الندى ... وترتيب فيه الملوك مراتبا

وافيته في الفلك أسعى جالساً ... فخراً على من جاء يمشي راكبا

فأقمت انفذ في الزمان أوامراً ... مني وأنشب في الخطوب مخالبا

وسقتني الدنيا غداة أتيته ... رياً وما مطرت علي مصائبا

فطفقت أملأ من ثناك ونشره ... حقباً واملأ من نداك حقائبا

اثني فتثنيني صفاتك مظهرا ... عياً وكم أعيت صفاتك خاطبا

لو أن أغصانا جميعاً السن ... تثني عليك لما قضين الواجبا

وقال يمدح السلطان المنصور غازي بن أرتق، ويصف فيها ديواناً نظمه فيه على حروف المعجم وهي تسعة وعشرين قصيدة تسمى المحبوكات:

أن لم أزر ربعكم سعياً علبى الحدق ... فان ودي منسوب إلى الملق

تبت يدي أن ثنتني عن زيارتكم ... بيض الصفاح ولو سدت بها طرقي

يا جيرة الحي هلا عاد وصلكم ... لمدنف من خمار الوجد لم يفق

لا تنكروا فرقي من بعد بعدكم ... أن الفراق لمشتق من الفرق

لله ليلتنا بالقصر كم قصرت ... فظلت مصطحباً في زي مغتبق

وبات بدر الدجى فيها يسامرني ... منادماً فيزين الخلق بالخلق

فكم خرقنا حجاباً للعتاب بها ... وللعفاف حجاب غير منخرق

والصبح قد اخلقت ثوب الدجى يده ... وليته جاد للعشاق بالخلق

ابلى الظلام ومإذا لو يجود به ... على جفون لطيب الغمض لم تذق

ما أحسن الصبح لولا قبح سرعته ... وأعذب الليل لولا كثرة الأرق

هب النسيم عراقياً فشوقني ... وطالمل هب نجدياً فلم يشق

فما تنفست والأرواح سارية ... إلا اشتكت نسمات الريح في حرقي

ذر أيها الصب تذكار الديار إذا ... متعت فيها بعيش غير متسق

فكم ضممت وشاحا بالظلام بها ... ما زاد قلبك إلا كثرة القلق

فخل تذكار زوراء العراق إذا ... جاءت نسيم الصبا بالمندل العبق

فهذه شهب الشهباء ساطعة ... وهذه نسمة الفردوس فانتشق

فتلك أفلاك سعد لا يلوذ بها ... من مارد لخفي السمع مسترق

سماء وجه بدا فيها فزينها ... بدر تخر لديه أنجم الافق

ملك غدا الجود يجري من أنامله ... فلو تكلف ترك الجود لم يطق

أعاد ليل الورى صبحاً وكم ركضت ... جياده فأرتنا الصبح كالغسق

مشتت العزم والأموال ما تركت ... يداه للمال شملا غير مفترق

إذا رأى ماله قالت خزائنه ... افديك من ولد بالثكل ملتحق

لولا ابو الفتح نجم الدين ما فتحت ... أبواب فضل عليها اللؤم كالغلق

ملك به اكتسب الأيام ثوب بهاً ... مثل اكتساء غصون البان بالورق

تهوى الحروب مواضيه فان ذكرت ... جنت فلم تر منها غير مندلق

حتى إذا جردت في الروع أغمدها ... في كل سابغة مسرودة الحلق

يأيها الملك المنصور طائره ... ومن أياديه كالاطواق في عنقي

أحييت بالجود آثار الكرام وقد ... كان الندى بعدهم في آخر الرمق

لو أشبهتك بحار الأرض في كرم ... لأصبح الدر مطرحاً على الطرق

لو أشبه الغيث جوداً منك منهمراً ... لم ينج في الأرض مخلوق من الغرق

كم قد أبدت من الاعداء من فئة ... تحت العجاج وكم فرقت من فرق

رويت يوم لقاهم كل ذي ظماء ... في الحروب حتى جلال الخيل بالعرق

ويوم وقعة عباد الصليب وقد ... أركبتهم طبقاً في البيد عن طبق

مزقت بالموصل الحدباء شملهم ... في مأزق بوميض البيض ممتزق

بكل أبيض دامي الخد تحسبه ... صبحاً عليه دم الابطال كالشفق

آلى على غمده أن لا يراجعه ... إلا إذا عاد محمراً من العلق

فاسبشرت فئة الإسلام إذا لمعت ... لهم بوارق ذاك العرض الغدق

وأصبح العدل مرفوعاً على نشز ... لما وليت وبات الجور في نفق

كم قد قطعت إليك البيد ممتطياً ... عزماً إذا ضاق رحب الأرض لم يضق

يدلني في الدجى مهري ويؤنسني ... حد الحسام إذا ما بات معتنقي

والليل أطول من عذل العذول على ... سمعي وأظلم من مرآه في حدقي

أهدي قلائد أشعار فرائدها ... در نهضت به من أبحر عمق

<<  <   >  >>