يضمها ورق لولا محاسنه ... ما لقبوا افضة البيضاء بالورق
نظمتها فيك ديواناً ازف يه ... مدائحاً في سوى علياك لم ترق
ولو قصدت به تجديد وصفكم ... لكان ذلك منسوباً إلى الحمق
تسع وعشرون إذا عدت قصائدها ... ومثلها عدد الابيات في النسق
لم أقتنع بالقوافي في أواخرها ... حتى لزمت أو إليها فلم تعق
ما أدركت فصحاء العرب غايتها ... قبلي ولا أخذوا من مثلها شبقي
جرت لتركض في ميدان حومتها ... قوم فأوقفتهم في أول الطرق
فليحسن اعذر عن ايرادهن إذا ... رأيت جري لساني غير منطلق
فلو رأت بأسك الآساد لاضطربت ... به فرائصها من شدة مرتتق
لقد رفعتم باسداء الجميل لكم ... ذكراً إذا قبض الله الانام بقي
لا زال يهمي على الوفاد نائلكم ... بوابل ن سحاب الجود مندفق
وقد سمى هذه القصائد: درر النحور في مدائح المنصور وهذه الأولى منها:
ابت الوصال مخافة الرقباء ... واتتك تحت مدارع الظلماء
أصفتك من بعد الصدود مودة ... وكذا الدواء يكون بعد الداء
أحيت بزورتها النفوس وطالما ... ضنت بها فقضت على الاحياء
أتت بليل والنجوم كأنها ... درر بباطن خيمة زرقاء
أمست تعاطيني المدام وبيننا ... عتب غنيت به عن الصهباء
أبكي وأشكو ما لقيت فتلتهي ... عن در الفاظي بدر بكائي
آبت إلى جسدي لتنظر ما انتهت ... من بعدها فيه يد البرحاء
ألفت به وقع الصفاح فراعها ... جزعاً وما نظرت جراح حشائي
أمصيبة منا بنبل لحاظها ... ما أخطأته أسنة الأعداء؟
اعجبت مما قد رأيت وفي الحشا ... أضعاف ما عانيت في الأعضاء؟
أمسي ولست بسالم من طعنة ... نجلاء أو من مقلة كحلاء
أن الصوارم واللحاظ تعاهدا ... أن لا أزال مزملا بدمائي
أجنت علي بما رأيت معاشر ... نظروا الي بمقلة عمياء
أكسبتهم مالي فمذ طلبوا دمي ... لم أشكهم إلا إلى البيداء
أبعدت عن أرض العراق ركائبي ... متنقلاً كتنقل الأفياء
أرجو بقطع البيد قطع مطامعي ... وأروم بالمنصور نصر لوائي
أدركته فجعلت ألثم فرحةً بوصوله أخفاف نوق رجائي
أضحى يهنيني الزمان بقصده ... ويشير كف العز بالايماء
أومت الي مشيرة أن لا تخف ... وابشر فإنك في ذرى العلياء
أبماردين تخاف خطفه مارد ... وشهابها في القلعة الشهباء؟
ألهيت عن قومي بملك عنده ... تنسى البنون فضائل الآباء
إني تركت الناس حين وجدته ... ترك اليتيم في وجود الماء
المرتقي فلك الفخار إذا اغتدى ... وإذا بدا فالناس كالحرباء
أفنى جيوش عداته بخوافق ... الرايات بل بسواكن الآراء
أسيافه نقم على أعدائه ... وأكفه نعم على الفقراء
أن حل حل النهب في أركأنه ... أو سار سار الخلف في الأعداء
أمجندل الأبطال بل يا منتهى ... الآمال بل يا كعبة الشعراء
أقبلت نحوك في سواد مطالبي ... حتى أتتني باليد البيضاء
أرقى إلى عرش الرجا رب الندى ... فكأن يومي ليلة الاسراء
وقال في قافية الباء:
بدت لنا الروح في تاج من الحبب ... فمزقت حلة الظلماء بالللهب
بكر إذا زوجت بالماء أولدها ... أطفال در على مهد من الذهب
بقية من بقايا قوم نوح إذا ... لاحت جلت ظلمة الأحزان والكرب
بعيدة العهد بالمعصار لو نطقت ... لحدثنا بما في سالف الحقب
باكرتهم برفاق قد زهت بهم ... قبل السلاف سلاف العلم والادب
بكل متشج بالفضل متزر ... كأن في لفظه ضرباً من الضرب
بروضة ظل فيها الطل أدمعه ... والدهر مبتسم عن ثغره الشنب
بكت عليه أساليب الحيا فغداجذلان يرفل في أثوابه القشب
بسط من الأرض قد حاكت مطارفها ... يد الربيع وجادتها يد السحب
باتت تجود علينا بالمياه كما ... جادت يد المك المنصور بالذهب
بحر تدفق بحر الجود من يده ... فأصبح املك يزهو زهو معتجب
باد ببذل الندى قبل السؤال ومن ... في دولة الترك أحيا ذمة العرب