للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ مَنْ اسْتَخْرَجَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ يُخَمَّسُ.

لِأَنَّهُ مَا تَوَصَّلَ إلَيْهَا إلَّا بِقُوَّةِ الْعَسْكَرِ.

١٩٥٦ - وَمَا وَجَدُوا مِنْ مَتَاعِ الْمُشْرِكِينَ أَوْ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا قَدْ سَقَطَ مِنْهُمْ، مِثْلُ السَّوْطِ وَالْحِذَاءِ وَالْحَبْلِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمَنْ كَانَ غَنِيًّا أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ مَتَاعِ الْمُشْرِكِينَ فَهُوَ غَنِيمَةٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَتَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقْطَةِ، فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ انْتَفَعَ بِهِ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا نَقَصَهُ إذَا جَاءَ صَاحِبُهُ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَجَدَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ جَاءَتْ الرُّخْصَةُ فِي السَّوْطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَعْبَدٍ الضَّبِّيِّ عَلَى مَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ.

قُلْنَا: تَأْوِيلُ ذَلِكَ فِي السَّوْطِ الْمُنْكَسِرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ، وَلَا يَطْلُبُهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ مَا سَقَطَ مِنْهُ، وَرُبَّمَا أَلْقَاهُ وَاسْتَبْدَلَ بِهِ. فَأَمَّا إذَا كَانَ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ وَيَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ مَا أَلْقَاهُ بَلْ سَقَطَ عَنْهُ. وَهُوَ فِي طَلَبِهِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ اللُّقَطَةِ.

اعْتِبَارُ الْقَلِيلِ بِالْكَثِيرِ.

أَلَا تَرَى إلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ. فَقِيلَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا أَخَذَ قِبَالَيْنِ مِنْ شَعْرٍ. فَقَالَ: قِبَالَيْنِ مِنْ نَارٍ» . وَإِذَا كَانَ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْغَنِيمَةِ فَمَا ظَنُّك فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ؟ وَقَدْ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ إلَى أَنَّ لَهُ مُخَالِفًا فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُمْ بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ. فَإِنَّهُمْ يُرَخِّصُونَ فِي السَّوْطِ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ بَيَّنَ فَسَادَ مَذْهَبِهِمْ فَقَالَ:

<<  <   >  >>