أَرَأَيْت لَوْ كَانَ سَوْطًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَكَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ، وَهُوَ بِحَيْثُ لَوْ سَرَقَهُ مِنْ صَاحِبِهِ قُطِعَتْ يَدُهُ فِيهِ.
أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عِشْرُونَ سَوْطًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ؟ فَعَرَفْنَا أَنَّ الَّذِي لَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ هُوَ مَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ، وَلَا يَطْلُبُهُ صَاحِبُهُ، مِثْلُ النَّوَى وَقُشُورِ الرُّمَّانِ وَبَعْرِ الْإِبِلِ وَجِلْدِ الشَّاةِ الْمَيِّتَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
فَأَمَّا مَا يُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَطْلُبُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ.
١٩٥٧ - وَالدَّابَّةُ الْعَجْفَاءُ الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهَا تَرَكَهَا إذَا أَخَذَهَا إنْسَانٌ فَأَخْرَجَهَا فَعَلَيْهِ رَدُّهَا، وَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ السَّوْطِ يُلْقِيهِ صَاحِبُهُ.
وَالْقِيَاسُ فِي الْكُلِّ وَاحِدٌ، إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا فِي السَّوْطِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ أَلْقَاهُ رَغْبَةً عَنْهُ. فَقَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَى حَمْلِهِ، وَمَا تَرَكَ الدَّابَّةَ رَغْبَةً عَنْهَا وَإِنَّمَا تَرَكَهَا لِعَجْزِهِ عَنْ إخْرَاجِهَا، فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا بِذَلِكَ.
أَرَأَيْت لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً مَرِيضَةً تَرَكَهَا لِعَجْزِهِ عَنْ إخْرَاجِهَا فَأَخَذَهَا إنْسَانٌ وَأَحْسَنَ إلَيْهَا حَتَّى بَرَأَتْ مِنْ مَرَضِهَا كَانَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ لَهُ فِيهَا؟ فَلِهَذَا وَشَبَهِهِ أَخَذْنَا فِي الْحَيَوَانِ بِالْقِيَاسِ.
١٩٥٨ - وَلَوْ ادَّعَى الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّابَّةُ عَلَى صَاحِبِهَا: إنَّك قُلْت حِينَ خَلَّيْت سَبِيلَهَا: مَنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ. وَجَحَدَ ذَلِكَ صَاحِبُهَا. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. لِأَنَّ دَعْوَاهُ هَذَا السَّبَبَ عَلَيْهِ كَدَعْوَاهُ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute