وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا شَرِكَةَ لِلْمَدَدِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: شَرِكَةُ الْمَدَدِ إنَّمَا تَثْبُتُ فِي الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ دُونَ الْخُمُسِ، وَلَمْ تُوجَدْ الْقِسْمَةُ فِيمَا هُوَ مَحَلُّ حَقِّهِمْ فَكَيْفَ تَنْقَطِعُ شَرِكَتُهُمْ بِقِسْمَةٍ وَقَعَتْ لَا فِي مَحَلِّ حَقِّهِمْ؟ قُلْنَا: لَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْقِسْمَةَ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهَا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، فَمِنْ ضَرُورَةِ تَقَرُّرِ الْقِسْمَةِ فِي الْمَصْرُوفِ إلَى أَرْبَابِ الْخُمُسِ ثُبُوتُ حُكْمِ الْقِسْمَةِ فِي الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ.
يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمَدَدَ لَوْ اسْتَحَقُّوا الشَّرِكَةَ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْغَنِيمَةِ وَإِذَا صَارَ نَصِيبُهُمْ كَالْغَنِيمَةِ ابْتِدَاءً فَلَا بُدَّ مِنْ إيجَابِ الْخَمْسِ فِيهَا، إذْ الْخُمُسُ يَجِبُ فِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِطَرِيقِ الْغَنِيمَةِ وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ هَا هُنَا، ثُمَّ أَدْنَى دَرَجَاتِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ (ص ٣٥٩) هَا هُنَا أَنْ تُجْعَلَ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ بِمَنْزِلَةِ التَّنْفِيلِ. لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ الْخَمْسِ فِيمَا يُجْعَلُ لِلْمَدَدِ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ النَّفْلِ.
١٩٩٣ - وَلَوْ أَنَّ الْأَمِيرَ نَفَلَ سَرِيَّةً بَعْضَ مَا أَصَابُوا، ثُمَّ لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ بَعْدَ الْإِصَابَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِكَةٌ مَعَ السَّرِيَّةِ فِي النَّفْلِ، وَكَذَلِكَ هَا هُنَا، لَا يَكُونُ لِلْمَدَدِ شَرِكَةٌ فِي الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ إذَا لَحِقُوهُمْ بَعْدَ مَا صَرَفَ الْخَمْسَ إلَى أَرْبَابِهَا.
١٩٩٤ - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْأَمِيرُ قَسَمَ الْأَخْمَاسَ الْأَرْبَعَةَ بَيْنَ أَهْلِهَا وَلَمْ يَقْسِمْ الْخُمُسَ حَتَّى لَحِقَ الْمَدَدُ، أَوْ كَانَ أَخَذَ بَعْضُ الْقَوْمِ سِهَامَهُمْ وَبَقِيَ الْخُمُسُ وَسِهَامُ بَعْضِهِمْ، فَلَا شَرِكَةَ لِلْمَدَدِ لِثُبُوتِ حُكْمِ الْقِسْمَةِ بِمَا صَنَعَهُ الْأَمِيرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute