أَسْبَقَ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ، بِمَنْزِلَةِ مَالٍ فِي يَدِهِ حِينَ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ فَهَذَا مِثْلُهُ.
وَفِقْهُهُ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْعِصْمَةَ الْمُقَوَّمَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالْإِحْرَازِ بِالْيَدِ لَا بِالدَّيْنِ وَتَمَامُ الْإِحْرَازِ بِالْيَدِ إنَّمَا يَكُونُ بِمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِدَارِهِمْ، وَبِدُونِ هَذِهِ الْعِصْمَةِ لَا يَخْرُجُ الْمَالُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلِاغْتِنَامِ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَحَالُ الَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَحَالِ الْمُسْتَأْمَنِ فِيهِمْ فِي ظُهُورِ حُكْمِ الْعِصْمَةِ فِي مَالِهِ، وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ مُعَامَلَةُ مَنْ عَامَلَ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِ الرِّبَا، وَفِيمَا يَغْصِبُهُ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي الْعِلَافَةِ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ لَا يَثْبُتُ حَقُّ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، بَلْ يَجِبُ رَدُّهُ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ فِيمَا يَغْصِبُونَهُ مِنْ الَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا إذَا ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ فَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَنْقُولِ، أَوْ مَا غَصَبَهُ مِنْهُ مُسْلِمٌ أَوْ مُعَاهَدٌ، فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ، إلَّا مَا غَصَبَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ فَيْئًا.
لِأَنَّهُمْ قَدْ تَمَلَّكُوهُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِيلَاءِ، حَتَّى لَوْ أَسْلَمُوا كَانَ ذَلِكَ سَالِمًا لَهُمْ، فَأَمَّا مَا أَوْدَعَهُ مُسْلِمًا أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ حَرْبِيًّا فَإِنَّهُ لَمْ يَتَمَلَّكْ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ كَانَ مَرْدُودًا عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَ أَمْوَالَهُ فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ حَتَّى ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ فَلِلْمُسْلِمِ جَمِيعُ مَالِهِ، فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَالِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute