للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَمْ يُحْرِزْ مَالَهُ بِإِسْلَامِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ أَسْلَمَ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَالِهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِحْرَازُ بِدُونِ الْوِلَايَةِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الْمَالِ، وَفِي الْأَوَّلِ صَارَ مُحْرِزَ الْمَالِ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ حِينَ أَسْلَمَ، وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ حِينَ أَسْلَمَ فِي دَارِنَا فَأَوْلَادُهُ الصِّغَارُ الَّذِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُحْكَمُ لَهُمْ بِالْإِسْلَامِ تَبَعًا لَهُ، حَتَّى إذَا ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ كَانُوا فَيْئًا، وَلَكِنْ يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ بَعْدَمَا حَصَلُوا فِي دَارِنَا لَزِمَهُمْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ تَبَعًا لِلْأَبِ.

٢٠٨٧ - وَلَوْ كَانَ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ مُسْلِمِينَ بِإِسْلَامِهِ، حَتَّى إذَا وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِمْ كَانُوا أَحْرَارًا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ.

وَبِأَنْ لَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ عَلَى مَنْ أَتْلَفَ مَا لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِزًا لَهُ بِإِسْلَامِهِ كَرَقَبَتِهِ، فَإِنَّ مَنْ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لَمْ يَلْزَمْهُ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ مُحْرِزًا رَقَبَتَهُ بِإِسْلَامِهِ. حَتَّى لَا يَمْلِكَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ أَمْوَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ وَرِقَابُهُمْ لَا يَمْلِكُهَا أَهْلُ الْعَدْلِ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَضْمَنُونَ أَوْ أَتْلَفُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَاَلَّذِي مَكَثَ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَا يَكُونُ أَعْظَمَ جُرْمًا مِنْ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبَغْيِ.

وَأَيَّدَ جَمِيعَ مَا قُلْنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ اتَّبَعَهُ مَالُهُ فَهُوَ لَهُ» وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ هَا هُنَا عَبْدُهُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِزًا لَهُ بِإِسْلَامِهِ لَكَانَ عَبْدُهُ حُرًّا إذَا خَرَجَ بَعْدَهُ، كَمَا يَكُونُ حُرًّا

<<  <   >  >>