للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَالُهُ لَحِقَ بِالْمُسْلِمِينَ فَذَلِكَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ.

لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْمَنِ فِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يَمْلِكُونَ مَالَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ اسْتِهْلَاكِ ذَلِكَ الْمَالِ أَشَدَّ الْمَنْعِ، إلَى أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبُهُ فَيَأْخُذَهُ.

٢٠٨٩ - وَلَوْ جَاءَ صَاحِبُهُ إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ اسْتَهْلَكَ إنْسَانٌ ذَلِكَ الْمَالَ كَانَ ضَامِنًا لَهُ.

لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَمَّا صَارَ فِي مَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ تَقَوَّمَتْ نَفْسُهُ، حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ، فَإِنَّهُ يَغْرَمُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَغْرَمُ لَوْ قَتَلَ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَكَذَلِكَ يَغْرَمُ مَالَهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ لُحُوقِ الْمُسْلِمِ بِالْعَسْكَرِ فَإِنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: الْمَالُ صَارَ مُحْرَزًا بِمَنْعِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْإِحْرَازُ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ مُتْلِفُهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَحْرَزَ نَفْسَهُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَهُوَ إحْرَازٌ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَالُ فَيْئًا لَهُمْ، وَالْقِيَاسُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَحْسَنَ الْقَوْلَ بِأَنَّ مَالَ الْمُسْلِمِ لَا يَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ أَبَدًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فَقَالَ: ٢٠٩٠ - قَدْ كَانَ هُوَ مَأْمُورًا بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ عَنْ مَالِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ، إذَا اسْتَجْمَعَ شَرَائِطَهُ، وَيَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ وَرَثَتِهِ إذَا مَاتَ، فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ حُكْمُ الزَّكَاةِ وَالتَّوْرِيثِ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَحُكْمُ الِاغْتِنَامِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ.

<<  <   >  >>