للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ قَبْلَ أَنْ يَفْرُقَ لَهُ فِيهِمْ رَأْيٌ فَشَهِدُوا شَهَادَةً لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى أَحَدٍ.

لِأَنَّ الرِّقَّ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِمْ بِالْقَهْرِ لَا يَزُولُ بِالْإِسْلَامِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْسِمَهُمْ، فَحَالُهُمْ كَحَالِ مُكَاتَبٍ مُسْلِمٍ، شَهِدَ بِشَهَادَتِهِمْ، وَإِذَا رَدَّ الْإِمَامُ شَهَادَتَهُمْ ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِي أَرَاضِيِهِمْ، يُؤَدُّونَ عَنْهَا الْخَرَاجَ فَذَلِكَ جَائِزٌ.

لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ فِيهِمْ هَذَا الرَّأْيُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا، فَبَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْلَى. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَضَعُ الْخَرَاجَ عَلَى أَرَاضِيِهِمْ وَالْمُسْلِمُ لَا يُبْتَدَأُ بِالْخَرَاجِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَسَمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ الْخَرَاجَ فِي الْأَرَاضِي، وَلَكِنْ يَجْعَلُهَا أَرْضَ عُشْرٍ؛ لِأَنَّ أَهْلَهَا مُسْلِمُونَ.

قُلْنَا: لِأَنَّهُ إذَا قَسَمَهَا فَقَدْ مَلَّكَهَا الْغَانِمِينَ ابْتِدَاءً، فَكَانَ هَذَا تَوْظِيفًا عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً فِي أَرْضِهِ فَأَمَّا إذَا مَنَّ بِهَا عَلَى أَهْلِهَا فَقَدْ قَرَّرَ مِلْكَهُمْ فِيهَا عَلَى مَا كَانَ، وَقَدْ كَانَ ثَبَتَ بِهِ حَقُّ تَوْظِيفِ الْخَرَاجِ عَلَى هَذِهِ الْأَرَاضِي فِي مِلْكِ أَهْلِهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا، فَيَكُونَ هَذَا إبْقَاءً لِمَا ثَبَتَ مِنْ الْحَقِّ، وَإِبْقَاءُ الْخَرَاجِ فِي أَرْضِ الْمُسْلِمِ مُسْتَقِيمٌ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَظَّفَ عَلَيْهِمْ الْخَرَاجَ ثُمَّ أَسْلَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ خَرَاجُ الرُّءُوسِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ خَرَاجُ الْأَرَاضِي، فَكَذَلِكَ هَذَا.

٢١٢٥ - فَإِنْ أَعَادُوا تِلْكَ الشَّهَادَةَ قَبِلَهَا الْإِمَامُ.

لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُمْ قَدْ تَقَرَّرَتْ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَسَمَهُمْ، ثُمَّ أَعْتَقَهُمْ الْمَوَالِي فَأَعَادُوا تِلْكَ الشَّهَادَةَ.

<<  <   >  >>