للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وَلَوْ كَانَ احْتَشَّ حَشِيشًا وَبَاعَهُ جَازَ ذَلِكَ، وَكَانَ الثَّمَنُ طَيِّبًا لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ يَسْتَقِي الْمَاءَ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ دَابَّتِهِ فَيَبِيعُهُ. لِأَنَّ الْحَشِيشَ وَالْمَاءَ مُبَاحٌ لَيْسَ مِنْ الْغَنِيمَةِ فِي شَيْءٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَثْبَتَ فِيهِمَا شَرِكَةً عَامَّةً بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ» .

فَإِذَا لَمْ يَأْخُذْ حُكْمَ الْغَنِيمَةِ بِأَخْذِهِ كَانَ هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِإِحْرَازِهِ، فَيَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ، فَإِذَا بَاعَهُ طَابَ ثَمَنُهُ لَهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ.

- وَلَوْ كَانَ قَطَعَ خَشَبًا أَوْ حَطَبًا وَبَاعَهُ مِنْ تَاجِرٍ فِي الْعَسْكَرِ أَخَذَ الْأَمِيرُ الثَّمَنَ مِنْهُ فَجَعَلَهُ فِي الْغَنِيمَةِ. لِأَنَّ الْحَطَبَ وَالْخَشَبَ مَالٌ مَمْلُوكٌ فَيَكُونُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ.

أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ مِنْ أَرْضِ رَجُلٍ كَلَأً أَوْ مِنْ بِئْرِهِ مَاءً فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَهُ كَانَ الثَّمَنُ طَيِّبًا لَهُ، فَإِذَا أَخَذَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ.

وَلَوْ أَخَذَ خَشَبًا أَوْ حَطَبًا مِنْ شَجَرٍ نَابِتَةٍ فِي أَرْضٍ، لَمْ يُنْبِتْهُ أَحَدٌ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَحَقَّ بِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ الْآخِذُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ.

فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْحَطَبَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِحْرَازُ بِالْمَكَانِ، وَأَنَّ الْكَلَأَ وَالْمَاءَ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِحْرَازُ فِيهِمَا بِالْيَدِ خَاصَّةً.

- وَلَوْ كَانَ بَاعَ الْحَطَبَ مِنْ جُنْدِيٍّ لِلْوَقُودِ أُمِرَ بِرَدِّ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي.

<<  <   >  >>