لِأَنَّ مَا بَاعَ كَانَ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى السَّوَاءِ فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ مِنْ تَاجِرٍ.
- وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ طَعَامًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَالْعَسَلِ، أَوْ عَلَفَ الدَّوَابِّ، مِنْ الشَّعِيرِ، وَالْقَتِّ، وَالتِّبْنِ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَانِمِينَ حَقُّ الِانْتِفَاعِ بِهِ. وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْقَتَّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْجَارِ لَا مِنْ الْحَشِيشِ، حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ.
قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُفْتِي بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَشِيشِ، فَإِنَّهُ تَافِهٌ لَا قِيمَةَ لَهُ قَبْلَ الْأَخْذِ، فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ، وَلَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَصَحُّ، فَإِنَّ الْحَشِيشَ مَا يَنْبُتُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَلَا يَقُومُ عَلَى سَاقٍ، وَالشَّجَرَ مَا يَقُومُ عَلَى سَاقٍ وَالْقَتَّ مِنْ جِنْسِ مَا يَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ.
- وَقِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: ٦] النَّجْمُ مَا يَنْتَشِرُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَالشَّجَرُ مَا يَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ، وَالْقَتُّ مِنْ جِنْسِ مَا يَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرِ.
- وَلَوْ ظَفِرَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ بِحَشِيشٍ لِلْمُشْرِكَيْنِ، قَدْ احْتَشَوْهُ وَأَحْرَزُوهُ، فَأَخَذَ ذَلِكَ رَجُلٌ وَبَاعَهُ، وَاسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي تَاجِرًا كَانَ الثَّمَنُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ كَانَ الثَّمَنُ مَرْدُودًا عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute