ثُمَّ جَاءَ الْحَرْبِيُّ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَقَالَ: دَفَعْته إلَيْك قَرْضًا وَقَالَ الْمَوْلَى: دَفَعْته إلَيَّ صِلَةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَرْبِيِّ مَعَ يَمِينِهِ. لِأَنَّهُ هُوَ الدَّافِعُ لِلْمَالِ، فَالْقَوْلُ فِي الْمَدْفُوعِ قَوْلُ الدَّافِعِ، وَلِأَنَّ بِمُطْلَقِ الدَّفْعِ لَا يَثْبُتُ إلَّا الْأَقَلُّ الْمُتَيَقَّنُ بِهِ، وَذَلِكَ الْقَرْضُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَرْبِيِّ فِي ذَلِكَ.
٢٢٧٥ - سَوَاءٌ قَالَ: قَدْ ذَكَرْت لَك أَنَّهُ قَرْضٌ، أَوْ قَالَ: نَوَيْت ذَلِكَ فِي نَفْسِي. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَعْطَاهُ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ، مِمَّا يَتَأَتَّى فِيهِ الِادِّخَارُ، لِيُنْفِقَهُ عَلَيْهِمْ. وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ شَيْئًا مِمَّا لَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالثَّرِيدِ، فَالْقَوْلُ فِيهِ أَيْضًا قَوْلُ الْحَرْبِيِّ فِي الْقِيَاسِ. لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِلْكُهُ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فِي هَذَا فَقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ وَلَا شَيْءَ لِلْحَرْبِيِّ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الدَّفْعَ فِي مِثْلِهِ يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْهَدِيَّةِ دُونَ الْقَرْضِ، وَالْبِنَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاجِبٌ.
وَهَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ نَظِيرُ مَا قَالُوا فِي الزَّوْجِ إذَا بَعَثَ إلَى زَوْجَتِهِ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ بَعَثَ ذَلِكَ إلَيْهَا بِجِهَةِ الصَّدَاقِ، وَقَالَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute