للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقِسْمَةِ مَقَامَ الْإِحْرَازِ يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، لِوُجُودِ أَمِيرٍ هُوَ نَافِذُ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِمْ تَمَامُ السَّبَبِ حِسًّا وَبِقِسْمَتِهِمْ لَا يَزْدَادُ السَّبَبُ قُوَّةً وَحِسًّا.

٢٣٤٣ - وَعَلَى هَذَا لَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ عَسْكَرَهُمْ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى بَعْضَ تِلْكَ الْأَمْتِعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى أَهْلِهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ. لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهَا قَبْلَ الْإِحْرَازِ، فَلَا يَمْلِكُهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُمْ أَيْضًا، وَكَانَ هُوَ مُتَبَرِّعًا فِيمَا فَدَى بِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ.

٢٣٤٤ - فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْحَرْبِ قَدْ دَخَلُوا دَارَهُمْ ثُمَّ أَسْلَمُوا صَارَ ذَلِكَ لَهُمْ.

لِأَنَّهُمْ بِالْإِحْرَازِ قَدْ مَلَكُوا لِتَمَامِ السَّبَبِ وَهُوَ الْقَهْرُ، ثُمَّ يَتَقَرَّرُ مِلْكُهُمْ بِالْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ لَهُ» وَكَذَلِكَ إنْ جَاءُوا ذِمَّةً.

لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ فِي تَقَرُّرِ الْمِلْكِ بِهِ خَلَفٌ عَنْ الْإِسْلَامِ، فَيَعْمَلُ عَمَلَهُ.

٢٣٤٥ - وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَأْمَنُوا إلَيْنَا، وَمَعَهُمْ ذَلِكَ الْمَالُ. لِأَنَّهُمْ اسْتَفَادُوا الْأَمَانَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.

٢٣٤٦ - وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهَا مِنْهُمْ مُسْلِمٌ فَإِنَّ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ بِالثَّمَنِ. لِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ قَدْ انْقَطَعَ بِالْمِلْكِ الَّذِي حَدَثَ لَهُمْ، فَلَا يَعُودُ حَقُّهُ فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ، مَا لَمْ يَتَحَوَّلْ إلَى غَيْرِهِمْ، وَبِالشِّرَاءِ يَتَحَوَّلُ الْمِلْكُ إلَى الْمُسْلِمِ،

<<  <   >  >>