فَيَظْهَرُ حَقُّ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ، عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ فِي الْأَخْذِ بِالثَّمَنِ، فَأَمَّا إذَا أَسْلَمُوا، أَوْ صَارُوا ذِمَّةً، أَوْ خَرَجُوا بِأَمَانٍ، فَالْمِلْكُ لَمْ يَتَحَوَّلْ مِنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ، فَلِهَذَا لَا يَظْهَرُ حَقُّ الْمَالِكِ الْقَدِيمِ فِي الْأَخْذِ.
٢٣٤٧ - فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ دَخَلُوا دَارَهُمْ مُغِيرِينَ، وَأَصَابُوا سَبَايَا مِنْ أَحْرَارِهِمْ فَلَمْ يُخْرِجُوهُمْ حَتَّى أَسْلَمُوا فَقَدْ أَمِنُوا مِنْ الْقَتْلِ بِالْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّهُمْ أَرِقَّاءُ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ قَدْ ثَبَتَ فِيهِمْ لَمَّا صَارُوا مَقْهُورِينَ، وَالْإِسْلَامُ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الِاسْتِرْقَاقِ، وَلَا يَمْنَعُ - الرِّقَّ الثَّابِتَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ. لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا قَهَرُوهُمْ فَقَدْ صَارُوا مَقْهُورِينَ حِسًّا وَحُكْمًا ثُمَّ بِإِسْلَامِهِمْ لَا يَرْتَفِعُ الْقَهْرُ حُكْمًا، فَنَفْيُ الرِّقِّ وَالْقَهْرِ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ حُكْمًا وَإِنَّمَا يَكُونُ حِسًّا، وَالْقَهْرُ الْحِسِّيُّ لَا يَتِمُّ قَبْلَ الْإِحْرَازِ. وَبَيَانُ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ الْقَاهِرَ إذَا كَانَ مُسْلِمًا فَهُوَ مُحْرِزٌ بِإِسْلَامِهِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ إخْرَاجُ مَأْسُورِينَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، فَأَمَّا أَهْلُ الْحَرْبِ فَإِنَّمَا يَكُونُ قَهْرُهُمْ بِالْيَدِ لَا بِالدَّيْنِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحِلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ؟ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ إذَا كَانُوا قَاهِرِينَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ. فَإِنَّ الذِّمَّةَ خَلَفٌ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي حُصُولِ الْإِحْرَازِ بِهَا فِي حَقِّ الشَّرْعِ، حَتَّى لَا يَحِلَّ لِأَحَدٍ التَّعَرُّضُ لَهُمْ فِيمَا أَخَذُوا، وَأَنَّهُ يُخَمَّسُ مَا سَبَى أَهْلُ الذِّمَّةِ كَمَا يُخَمَّسُ مَا سَبَى الْمُسْلِمُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute