لِأَنَّهُمْ امْتَثَلُوا أَمْرَ الْأَمِيرِ فِيمَا أَخَذُوا، وَلَا يَتَحَقَّقُ الِامْتِثَالُ مَعَ الْقَصْدِ إلَى الِاغْتِنَامِ، وَإِذَا لَمْ يَقْصِدُوا الِاغْتِنَامَ بِمَا أَخَذُوا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غَنِيمَةً.
وَهَذَا؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ رَأْيًا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ التَّنْفِيلُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ بِطَرِيقِ النَّظَرِ، فَكَذَلِكَ يَصِحُّ مِنْهُ جَعْلُ الْمُصَابِ لِمَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُغْنِيهِ وَبَقِيَ فَضْلٌ فَالْبَاقِي يَكُونُ غَنِيمَةً.
لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلِاغْتِنَامِ قَدْ وُجِدَ فِي الْكُلِّ، وَلَكِنْ فِي الْقَدْرِ الْمَشْغُولِ لِحَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ يُجْعَلُ ذَلِكَ مُتَقَدِّمًا لِقَصْدِ الْإِمَامِ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الْغَنِيمَةِ، بِمَنْزِلَةِ مَا يَفْضُلُ مِنْ التَّرِكَةِ عَنْ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ.
٢٣٥٩ - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَعَثَهُمْ مِنْ الْعَسْكَرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِيَأْتُوا بِالْخَشَبِ، أَوْ بِالطَّعَامِ أَوْ بِالْعَلَفِ، لِمَنْفَعَةٍ عَيَّنَهَا لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ مَا جَاءُوا بِهِ يَكُونُ مَصْرُوفًا إلَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ فَهُوَ غَنِيمَةٌ، لِأَهْلِ السَّرِيَّةِ، وَأَهْلِ الْعَسْكَرِ.
لِأَنَّهُمْ قَصَدُوا تَحْصِيلَ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ، لَا الِاغْتِنَامَ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ فَهُوَ غَنِيمَةٌ، حِينَ خَرَجُوا مُطِيعِينَ لِلْأَمِيرِ.
٢٣٦٠ - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَعَثَهُمْ مِنْ بَعْضِ مَدَائِنِ أَهْلِ الثُّغُورِ، وَقَدْ أَصَابَهُمْ قَحْطٌ، لِيَأْتُوا بِالطَّعَامِ، وَالْعَلَفِ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَقْسِمُ ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، بِغَيْرِ خُمْسٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute