أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ أَحْرَزُوا ذَلِكَ بِمَنَعَةِ الْجَيْشِ أَخَذَهُ الْإِمَامُ فَيَرُدُّهُ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَمْ يَقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ عَلَى قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ. وَالْأُسَرَاءُ لَوْ أَحْرَزُوا مَا أَخَذُوا بِمَنَعَةِ الْجَيْشِ قُسِمَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَيْشِ عَلَى قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، فَكَذَلِكَ إذَا أَحْرَزُوهُ بِمَنَعَتِهِمْ، إلَّا أَنَّ هُنَاكَ يَثْبُتُ لِلْإِمَامِ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ عَلَى الرَّدِّ وَهَا هُنَا لَا يَثْبُتُ.
٢٤٣٤ - وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْمَنُونَ لَحِقُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ بِقَوْمٍ لُصُوصٍ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ، وَقَدْ دَخَلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، وَلَمْ يَصِيرُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ بَعْدَ مَا اجْتَمَعُوا، فَالْحُكْمُ فِيمَا أَصَابَ كُلُّ فَرِيقٍ بَعْدَ الِالْتِقَاءِ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ حَتَّى أَنَّ مَا أَصَابَ اللُّصُوصُ فَهُوَ لِمَنْ وَلِيَ الْأَخْذَ مِنْهُمْ خَاصَّةً، وَمَا أَصَابَ الْمُسْتَأْمَنُونَ أُمِرُوا بِرَدِّهِ مِنْ غَيْرَ جَبْرٍ. فَإِنْ صَارُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ حِينَ اجْتَمَعُوا فَنَبَذُوا إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يُخَمِّسُ مَا أَصَابَ اللُّصُوصُ.
لِأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ وَالْأَخْذُ حَلَالٌ لَهُمْ، وَأَحْرَزُوهُ وَهُمْ قَاهِرُونَ، بِمَا حَدَثَ لَهُمْ مِنْ الْمَنَعَةِ فَيُخَمِّسُ مَا أَصَابُوا، وَيَقْسِمُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْمَنِينَ، عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ فِي ذَلِكَ حَقُّ الشَّرِكَةِ مَعَهُمْ، وَلَمْ يُقَاتِلُوا دَفْعًا عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ، بَعْدَ مَا الْتَحَقُوا بِهِمْ قُلْنَا: لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِزًا بِمَنَعَةٍ حَدَثَتْ لَهُمْ، وَبِاعْتِبَارِهَا أَخْذُ حُكْمِ الْغَنِيمَةِ، فَكَانَ هَذَا أَكْثَرَ تَأْثِيرًا مِنْ قِتَالِهِمْ دَفْعًا عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ.
٢٤٣٥ - فَأَمَّا مَا أَصَابَ الْمُسْتَأْمَنُونَ فَإِنَّهُمْ يُؤْمَرُونَ بِرَدِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْبَرُوا عَلَى ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute