قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنْ فِيمَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ بِالْقَهْرِ، وَالْمَالُ الَّذِي هُوَ مَمْلُوكٌ لِلْمُسْلِمِ لَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ بِالْقَهْرِ فَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ حَقُّ الْأَسِيرِ فِيهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا لَوْ أَدَانَ مُسْلِمًا دَيْنًا فِي دَارِنَا ثُمَّ عَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَأُسِرَ بَطَلَ الدَّيْنُ عَنْ صَاحِبِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فَيْئًا.
لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ مَحَلَّ التَّمَلُّكِ بِالْقَهْرِ، بَلْ أَوْلَى، لِأَنَّ هُنَاكَ الدَّيْنُ كَانَ مِلْكَ الْأَسِيرِ فِي ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ، وَهَا هُنَا الْمَالُ لَمْ يَكُنْ مِلْكَ الْأَسِيرِ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤْسَرْ حَتَّى رَجَعَ إلَى دَارِنَا فَطَلَبَ دَيْنَهُ أُجْبِرَ الْمَدِينُ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ، وَهَا هُنَا لَوْ لَمْ يُؤْسَرْ حَتَّى خَرَجَ وَطَلَبَ ذَلِكَ الْمَالَ لَمْ يُجْبَرْ الْمُسْلِمُ عَلَى دَفْعِ شَيْءٍ إلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِ آخِذِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَاذَا لَا يَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَ، إذْ الرِّقُّ تَلَفٌ حُكْمًا؟ قُلْنَا: لِأَنَّ إثْبَاتَ التَّوْرِيثِ يَكُونُ بِالنَّصِّ لَا بِالرَّأْيِ. وَلِأَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا يَخْلُفُ الْمُوَرِّثَ فِيمَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ، وَبِالِاسْتِرْقَاقِ تَبَدَّلَتْ نَفْسُهُ، وَلَكِنْ لَمْ تَنْقَطِعْ حَاجَتُهُ، فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْوَارِثِ خَلَفًا لَهُ فِي أَمْلَاكِهِ وَحُقُوقِهِ.
٢٤٥١ - وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُؤْسَرْ الْحَرْبِيُّ وَلَكِنْ الْإِمَامَ غَلَبَ عَلَى تِلْكَ الْأَرْضِ، وَقَتَلَ صَاحِبَ الْمَالِ.
لِأَنَّ حَقَّهُ قَدْ سَقَطَ بِمَوْتِهِ، وَلَمْ يَخْلُفْهُ فِي ذَلِكَ وَرَثَتُهُ، حِينَ وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِمْ، فَصَارُوا أَرِقَّاءَ، فَإِنَّ رِقَّ الْوَارِثِ يَمْنَعُ هَذِهِ الْخِلَافَةَ كَرِقِّ الْمُوَرِّثِ وَالْمَانِعُ مِنْ الطِّيبِ لِلْآخِذِ قِيَامُ حَقِّ الْغَيْرِ فِيهِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ سُقُوطُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute